تحظى دراسة العقد بأهمية خاصة، لكونه من جهة يعتبر المصدر الأساسي للالتزامات إلى جانب المسؤولية التقصيرية. إضافة إلى أن العقد يعتبر الأداة الأساسية في تداول الثروة، فهو الوسيلة الرئيسية لتداول السلع والخدمات بين مختلف الأطراف. مما أدى إلى انتشار هذه الأداة بشكل كبير في الحياة اليومية، الأمر الذي ترتب عنه بشكل طبيعي تزايد الحاجة إلى تنظيم مختلف جوانبه تشريعيا من جهة، ومن جهة أخرى انتشار القضايا المعروضة على أنظار المحاكم والمتعلقة بالمشاكل الناتجة عن العقد.
والأحكام التي تنظم العقد تتسم بالكثرة، لذلك ولذلك لتيسير عملية التعلم ارتأينا أن نتطرق لتعريف العقد و لمختلف تصنيفاته في هذا الدرس. ثم نتطرق لأركانه في الفيديوهات القادمة. تحقيقا للفعالية وتفاديا للسقوط في الملل (هاد العبارة مامتأكداش واش خصها تتقال ولا لاء لذلك تركت لك الاختيار في تركها أو حذفها)
أولا: تعريف العقد
لم يورد المشرع في ق.ل.ع. تعريفا للعقد، وهو أمر صائب، لأن التعريف ليس من اختصاصه، بل هو عمل فقهي محض.
هكذا عرفه الفقه بأنه توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني، وهذا الأثر يكون إما إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهاءه.
ونعني بتوافق ارادتين أن كل طرف في العقد تنعقد إرادته على أمر معين، وحتى ينعقد العقد لا بد أن تتقابل إرادة كل من الطرفين، أي أن تتجه الارادتان المتوافقتان إلى تحقيق هدف معين . هذا الهدف هو إحداث أثر قانوني، ونسطر هنا على عبارة إحداث أثر قانوني لأن ليس كل اتفاق يعتبر عقدا يرتب آثارا قانونية. فإذا حصل واتفق شخصان على القيام بنزهة أو سفر، ثم تراجع أحدهما عن الاتفاق، فإنه لا يمكن للطرف الآخر أن يلزمه بما اتفقا عليه أو يرفع عليه دعوى قضائية جراء ذلك، لأن ذلك الاتفاق لا يعتبر عقدا منتجا لآثار قانونية.
لذلك حتى نكون أمام عقد، لا بد أن يرتبط الطرفان برابطة يحكمها القانون.
ثانيا: تصنيف العقود
عمدت العديد من التشريعات إلى تصنيف العقود وإفراد نصوص قانونية خاصة بها، لكن المشرع المغربي في قانون لالتزامات والعقود أعرض عن ذلك، تاركا هذه المهمة للفقه. وقد أحسن بذلك صنعا، لكون تصنيف العقود يخرج عن اختصاص المشرع، ويدخل في مجال الفقه.
لذلك فقد اعتمد الفقه مجموعة من المعايير من أجل تصنيف العقود، كلّ حسب النتائج التي تترتب عليها، والمبادئ القانونية التي تحكمها.
ومن هنا تتجلى بوضوح أهمية التصنيف الذي نحن يصدد دراسته من حيث أنه يسهل علينا عملية تكييف العقود وتحديد الأحكام المطبقة عليها.
هذه التصنيفات هي:
1-التصنيف القائم على أساس تكوين العقد
2-التصنيف القائم على أساس طبيعة العقد
3-التصنيف القائم على أساس آثار العقد
4-التصنيف القائم على أساس القواعد القانونية المطبقة
1-التصنيف القائم على أساس تكوين العقد
حسب هذا التصنيف تنقسم العقود إلى:
أ-عقود رضائية وعقود شكلية وعقود عينية
ب-عقود التراضي وعقود الاذعان
أ-عقود رضائية وعقود شكلية وعقود عينية
العقود الرضائية:
العقود الرضائية هي التي تنعقد وتنتج آثارها بمجرد اتفاق إرادتين دون اشتراط شكل معين لانعقادها كالكتابة مثلا. والقاعدة هي الرضائية والاستثناء هو الشكلية. أي أنه ما لم ينص المشرع على الشكلية واكتفى بالصمت فإن العقد يكون رضائيا لأن الأصل في الأشياء الإباحة كما هو معروف.
العقود الشكلية:
هي العقود التي تتطلب لانعقادها إضافة إلى تراضي الطرفين مراسيم شكلية حددها القانون والتي يجب اتباعها. كما هو الشأن بالنسبة لبيع العقارات والسفن والطائرات والأصول التجارية، حيث تطلب القانون كتابة هذه العقود.
كما أنه ألزم في كثير من الأحيان تحرير هذه العقود من قبل أشخاص محددين بشكل دقيق. مثل توثيق بعض العقود لدى موثقين، أو إبرام عقود الزواج من قبل عدلين.
وقد يحصل أن يتفق المتعاقدان على جعل العقد شكليا. في هذه الحالة ينقلب العقد من رضائي إلى شكلي ولا ينعقد إلا بتوافر الشكل الذي اشترطاه. وهو ما نص عليه المشرع في
الفصل 402 من ق.ل.ع. :”إذا لم يكن العقد خاضعا لشكل خاص، واتفق عاقداه صراحة على أنهما لا يعتبرانه تاما إلا إذا وقع في شكل معين، فإن الالتزام لا يكون موجودا إلا إذا حصل في الشكل الذي اتفق عليه العاقدان.”
هكذا فالشكلية تكون إما بمقتضى القانون، أي أن القانون نفسه هو الذي يلزم الأطراف بإبرام العقد على شكل معين تحت طائلة البطلان، وإما بمقتضى اتفاق الطرفين نفسهما طبقا للقاعدة الفقهية التي تقول أن من التزم بشيء لَزِمَهُ.
وسواء كانت الشكلية من صنع المشرع أو من صنع الأطراف، فإنه يجب مراعاتها في الحالتين والالتزام بها تحت طائلة فقدان العقد لركن من أركانه، وبالتالي ترتيب البطلان كنتيجة حتمية.
العقود العينية:
هي العقود التي لا تنعقد صحيحة بمجرد تراضي أطرافها، بل تتطلب تسليم الشيء محل التعاقد لأحد أطرافها. وهو ما ينطبق على عقد الهبة وعقد عارية الاستعمال.
حيث نص الفصل 833:” تتم عارية الاستعمال بتراضي الطرفين وبتسليم الشيء إلى المستعير.”
ومعناه أن عقد عارية الاستعمال يقتضي بالإضافة إلى تراضي الطرفين حول العقد، أن يسلم المُعِيرُ للمستعير الشيء المستعار. فإذا لم يقع التسليم فإن العقد لا ينعقد من أساسه لأنه فقد ركنا من أركان انعقاده.
وبخصوص عقد الهبة نصت المادة 274 من مدونة الحقوق العينية: “تنعقد الهبة بالإيجاب والقبول. يجب تحت طائلة البطلان أن يبرم عقد الهبة في محرر رسمي. يُغني التقييد بالسجلات العقارية عن الحيازة الفعلية للملك الموهوب، وعن إخلائه من طرف الواهب إذا كان محفظا أو في طور التحفيظ. وإذا كان غير محفظ فان إدراج مطلب لتحفيظه يغني عن حيازته الفعلية وعن إخلائه.”
هكذا فإن عقد الهبة يتطلب لانعقاده صحيحا أن يحصل تراضي الطرفان حول العقد، والذي يتم عن طريق ايجاب من الواهب وقبول من الموهوب له ( الدرس القادم سنشرح الايجاب والقبول).
علاوة على التراضي، يحتاج عقد الهبة إلى تحريره في محرر رسمي. ( وهذا يحيلنا إلى أن عقد الهبة عقد شكلي أيضا)
بالإضافة إلى تسليم الملك الموهوب إلى الموهوب له، أي حيازة هذا الأخير للملك الموهوب حيازة فعلية وإخلاؤه من طرف الواهب. فإذا وهب محمد منزلا لأخيه، فلابد لمحمد أن أن يخلي المنزل ويُمَكِّنَهُ لأخيه.
لكن هذا الشرط أي شرط التسليم يُستغنى عنه في الحالة التي يكون فيها العقار محفظا أو في طور التحفيظ أو كان غير محفظ ولكن تم تقديم مطلب لتحفيظه بالمحافظة العقارية.
وبناء على هذا الفصل الذي نحن بصدد دراسته أي الفصل 274 من مدونة الحقوق العينية، فإن الحالة الوحيدة التي تحتاج التسليم في عقد الهبة هي حالة العقار غير المحفظ الذي لم يقدم بشأنه أي مطلب للتحفيظ.
ب-عقود التراضي وعقود الاذعان
عقود التراضي:
هي التي تجري فيها مناقشة ومساومة بنودها وشروطها من قبل المتعاقدان، اللذان يقومان بهذه المهمة على وجه التعادل، حيث يكونان متساويان من حيث المراكز الاقتصادية.
ومعنى ذلك أن في عقود التراضي يستطيع كل طرف من طرفي العقد أن يناقش الآخر حول بنود العقد أو يطلب منه تخفيف الشروط التي اشترطها بداية. ونتيجة لهذه المناقشة أو ما نصطلح عليه المساومة، يمكن لكل طرف أن يُعدل شروطه استجابة للطرف الآخر. مثلا قد يطلب زيد من حمزة ثمنا معينا في البداية، لكن ومع اصرار حمزة على تخفيض الثمن يستجيب زيد لذلك فينعقد العقد على أساس الثمن المخفض.
عقود الإذُعان: السكون فوق حرف الذال
هي تلك العقود التي تنعقد بدون مناقشة ولا مساومة بين أطرافها، بحيث يكون أحد أطرافها مطاوعا ومذْعِنا، لا يملك إلا أن يقبل تلك الشروط جملة أو يرفضها جملة دون مفاوضة أو نقاش. مثل عقود اشتراكات الهاتف.
ففي مثل هذا النوع من العقود أي عقود الإذعان، غالبا ما يكون هناك طرف هو الذي يستأثر بوضع البنود والشروط ،وغالبا ما يكون عبارة عن شركة تحتكر خدمة معينة، ويكون الطرف الآخر زبونا.
وكما قلنا فالمثال الأوضح هو عقود اشتراكات الهاتف ( l’abonnement) كما يصطلح عليها باللغة الفرنسية. ففي هذا العقد تنفرد شركة الاتصال بوضع بنود الاشتراك، حيت تحدد عدد ساعات المكالمات الممنوحة للزبون، و صبيب الأنترنيت وحجمه، وعدد الرسائل القصيرة، وثمن الخدمة. والزبون لا يستطيع أن يساوم الشركة حول عدد الساعات فيطلب زيادتها أو يطلب إنقاص الثمن، فهو يملك خياران لا ثالث لهما: إما أن يقبل التعاقد ببنوده وشروطه كاملة كما هي، وإما أن يرفض التعاقد فلا ينعقد أي عقد.
2-التصنيف القائم على أساس طبيعة العقد
أ- عقود محدد وعقود الغرر
ب- عقود فورية عقود زمنية
أ- عقود محددة وعقود الغرر
العقود المحددة:
هي تلك العقود التي يستطيع فيها كلا التعاقدين أن يحددا وقت إبرام العقد قيمة ما سأخد وقيمة ما يعطي على نحو دقيق. كما هو الشأن بالنسبة لعقد البيع حيث يستطيع البائع معرفة الثمن الذي سيأخذه، كما يستطيع المشتري هو الآخر معرفة المبيع والذي يكون محددا عند إبرام العقد أو على الأقل قابلا للتحديد ، فإذا لم يكن كذلك أي محددا أو قابلا للتحديد كان العقد باطلا.
عقود الغرر:
أو العقود الاحتمالية، هي تلك العقود التي يتوقف فيها مقدار الأداء الواجب على أحد المتعاقدين على تحقق أمر غير محقق الحدوث أو غير معروف في أي وقت سيحدث.
ومن تم فإن كلا طرفي العقد لا يستطيع أن يحدد وقت انعقاده القدر الذي سيأخذ أو القدر الذي سيعطي، على اعتبار أن ذلك متوقف على أمر احتمالي غير محقق الحصول أو غير معروف تاريخ حصوله. مثل عقد التأمين ضد السرقة. ففي هذا العقد لا يعلم المتعاقدان وهما شركة التأمين والمُؤَمَّن له، ما إذا كانت السرقة ستحصل أم لا، كما لا يمكن أن يعلمان أثناء انعقاد العقد حجم السرقة التي قد تقع، وبالتالي لا يعلمان مقدار المبلغ الذي ستدفعه شركة التأمين عند حصول السرقة. عكس العقود المحددة التي إذا لم يُحدد فيها مقدار الالتزامات التي يتحملها الطرفان بدقة، كان العقد باطلا.
ويترتب على التمييز بين العقدين أن تطبيق قابلية العقد للإبطال بسبب الغُبْن تنحصر في العقود المحددة وليس في العقود الاحتمالية، لأن هذه الأخيرة تقوم على أساس احتمال حصول تفاوت كبير بين التزامات أطراف العقد.
والغبن هو أحد عيوب الرضى التي سندرسها في الفيديو القادم، ويعني التفاوت الكبير بين مقدار الالتزامات التي يتحملها الطرفان، بحيث يعطي المتعاقد المغبون أكثر مما يأخذ. لذلك فإن المشرع أعطى للمتعاقد المغبون إمكانية المطالبة بإبطال العقد بناء على الغبن الذي لحق به وفق شروط سنبينها في حينه. وهو الشيء الذي لم يسمح به في عقود الغرر
ب-عقود فورية وعقود زمنية
العقود الفورية:
هي التي تنتج آثارها القانونية لحظة إبرامها، على الرغم من تأخر التنفيذ في بعضها، مادام أن الزمن ليس عنصرا أساسيا فيها. مثال ذلك عقد البيع الذي يعتبر عقدا فوريا سواء كان التسليم فوريا أو تطلب وقتا معينا كحاجة البائع إلى مدة معينة لإعداد الوثائق اللازمة لتسجيل عقد البيع بالمحافظة العقارية.
العقود الزمنية:
وهي التي يكون عنصر الزمن فيها أساسيا لقيامها، بل يعتبر مسألة وجود وعدم لهذا النوع من العقود. مثل عقد الكراء وعقد الشغل.
ويترتب على التفرقة بين هذه العقود عدم انسحاب آثار الفسخ على الماضي في العقود الزمنية: لأن ما نفذ (بضم النون) لا يمكن إعادته. على خلاف العقود الفورية التي ينسحب فيها آثار الفسخ على الماضي، حيث يمكن إعادة الأطراف المتعاقدة إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد مادام ذلك ممكنا.
3-التصنيف القائم على أساس آثار العقد
أ – عقود ملزمة للجانبين وعقود ملزمة لجانب واحد
ب – عقود معاوضة وعقود تبرع
ج – عقود فردية وعقود جماعية
أ – عقود ملزمة للجانبين وعقود ملزمة لجانب واحد
عقود ملزمة للجانبين:
العقد الملزم للجانبين أو العقد التبادلي، هو الذي ينشأ التزامات متقابلة في ذمة طرفيه، بحيث يكون كل منهما دائنا ومدينا في نفس الوقت. ففي هذه العقود يتحمل كل طرف فيها التزامات معينة تجاه الطرف الآخر، وبالمقابل يتمتع بحقوق يجب أن تؤدى له من الطرف الآخر. مثل عقد البيع الذي يلتزم فيه البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري مقابل حصوله على الثمن، ومن جهة أخرى يلتزم المشتري بإعطاء الثمن للبائع مقابل مِلكيته للشيء المبيع.
العقد الملزم لجانب واحد
هو الذي ينشأ التزامات في ذمة أحد المتعاقدين دون الآخر، حيث يكون أحدهما مدينا فقط، والآخر دائنا فقط. أي أن أحد المتعاقدين يلتزم بالقيام بعمل أو الامتناع عن القيام بعمل أو بنقل حق عيني، وبالمقابل فإن الطرف الآخر يستفيد من الالتزامات التي ترتبت على الملتزم دون أن يلتزم هو الآخر في المقابل بأي التزام.
ويبقى العقد غير التبادلي محتفظا بهذه الصفة حتى لو تحمل الدائن فيما بعد التزامات تجاه الطرف الآخر، نتيجة ظروف طرأت أثناء العقد أو أثناء تنفيذه.
ويترتب على التفرقة بين هذين النوعين أنه في العقد التبادلي إذا لم يقم أحد المتعاقدين بتنفيذ التزامه، جاز للمتعاقد الآخر أن يطلب فسخ العقد حتى يتحلل من التزامه. وهو ما لا يمكن أن يقع في العقد غير التبادلي. أي لا يمكن المطالبة بالفسخ.
وهذه نتيجة طبيعية لأنه في العقد التبادلي أو ما يسمى بالعقد الملزم للجانبين يتحمل كل طرف بالتزام معين يجعل الطرف الآخر يطالبه بتنفيذه، أما في العقد غير التبادلي نجد طرفا لا يتحمل أي التزام حتى يُطلب منه تنفيذه. وبما أن هذه الإمكانية غير متوفرة فإنه لا يمكن إعمال الفسخ في مثل هذه العقود.
ب – عقود معاوضة وعقود تبرع
عقد المعاوضة هو الذي يأخذ فيه كلا التعاقدين مقابلا لما يعطيه.
عقد التبرع هو الذي لا يأخذ فيها أحد المتعاقدين مقابلا لما يعطي.
ومعنى ذلك أن في عقود المعاوضة كما يدل عليها اسمها ينال كل متعاقد عِوَضا عن ما يعطيه، بخلاف عقد التبرع الذي يَهَبُ فيه أحد المتعاقدان أشياء أو حقوق أو أموال أو عقارات دون أن ينتظر مقابلا لما يعطي.
ويختلف هذان العقدان فيما يلي:
**الغلط في شخصية المتعاقد في عقود المعاوضة لا يَعِيبُ الإرادة، إلا إذا كانت شخصية المتعاقد محل اعتبار. عكس عقود التبرع، إذ أن الغلط في شخصية المتعاقد يعيب الإرادة فيجعل العقد قابلا للإبطال.
فإذا وهبت مبلغا من المال لسعيد وتبين لي فيما بعد أن الهبة آلت إلى شخص آخر غير “سعيد” الذي كنت أقصد أن أخصه بالهبة، جاز لي، في كل حال، أن أطالب بإبطال الهبة للغلط الذي وقعتُ فيه من حيث شخص الموهوب له. أما في عقود المعاوضة، فإن الغلط في شخصية أحد المتعاقدين لا يعيب الإرادة إلا إذا كانت هذه الشخصية محل اعتبار خاص كعقد شركة مع شخص ذو سمعة طيبة أو التعاقد مع فنان مشهور.
**من حيث تقدير المسؤولية عن الاخلال بالالتزام تكون مسؤولية المتبرع أخف من المعاوضة. وهو أمر طبيعي لأن الشخص المتبرع لا يحصل على مقابل ما يعطي وعليه، فإن مسؤوليته يتكون مخففة إن لم نقل منعدمة. بخلاف مسؤولية المتعاقد في عقود المعاوضة إذ أن الالتزامات التي يتحملها الطرف الآخر تجعل المتعاقد يتحمل المسؤولية تجاه أي اخلال في الالتزامات المترتبة عليه مهما كان حجمه.
ج – عقود فردية وعقود جماعية
العقد الفردي:
هو الذي يتطلب قبول كل واحد من الأطراف المتعاقدِين، بحيث يكفي تخلف قبول متعاقد واحد حتى يكون العقد غير قائم. فعقد الشركة مثلا لا بد فيه من رضى كل واحد من الشركاء مهما بلغ عددهم.
العقد الجماعي:
هو الذي يكفي فيه قبول أغلبية أعضاء المتعاقدين، بحيث تجد الأقلية نفسها مقيدة بعقد لم تبرمه ولم توافق عليه. مثلا ينص الفصل 971 من ق.ل.ع. :” قرارات أغلبية المالكين على الشياع ملزمة للأقلية فيما يتعلق بإدارة المال المشاع والانتفاع به، بشرط أن يكون لمالك الأغلبية ثلاث أرباع هذا المال.”
4-التصنيف القائم على أساس القواعد القانونية المطبقة
عقود مسماة وعقود غير مسماة
العقد المسمى:
هو ذلك العقد الذي خصه المشرع باسم خاص وخصص له أحكاما خاصة به. كعقد البيع والهبة والتأمين وغيرها. ففي مثل هذا النوع من العقود يجب الرجوع أولا لأحكامها الخاصة، فإن لم يوجد وجب الرجوع إلى القواعد العامة لنظرية العقد.
العقد غير المسمى:
هو ذلك العقد الذي لم يميزه المشرع ولم يخصص له أحكاما خاصة به، ولذلك يرجع فيه أولا إلى القواعد العامة للالتزامات، فإذا لم يتم الوصول إلى حل، فيلجأ إلى القواعد الخاصة بأقرب العقود المسماة عن طريق القياس.
ومن الناحية العملية عند نشوب نزاع معين، يكون البحث عن تكييف العقد وعن الأحكام الخاصة به أمرا سهلا في العقود المسماة مقارنة بالعقود غير المسماة. لأن العقود المسماة تحظى بتنظيم المشرع، أي أن لها قواعد تحكمها سلفا. على خلاف العقود غير المسماة التي لم يخصص لها المشرع أي تنظيم ولا اسم حتى.
ونقصد بالتكييف إضفاء الوصف القانوني على العقد الذي أنشأه الطرفان حتى نتمكن من معرفة القواعد القانونية المطبقة. لأنه في بعض الأحيان قد يبرم الطرفان عقودا دون تحديد اسم لها، وعند نشوب نزاع لا بد للقاضي أن يعرف طبيعة العقد أولا حتى يتمكن من معرفة القواعد القانونية التي سيطبقها عليه. وفي حالات أخرى قد يسمي الطرفان العقد بتسمية غير صحيحة إما لخطإ وقعا فيه، أو بقصد منهما بغرض التحايل على القانون، في هذه الحالة وعلى العموم فإن عملية التكييف هي عمل قانوني صرف لا سلطة فيه لإرادة المتعاقدين بل هو من اختصاص القاضي.