أركان العقد الرضى

عالـم القانون
2020-08-18T23:42:56+01:00
دروس القانونقانون الإلتزامات و العقود
عالـم القانون6 يوليو 2020
أركان العقد الرضى

بداية لابد أن نعرف معنى الركن لغة واصطلاحا. فالركن هو العمود، ونقول ركن البيت أي عمود البيت الذي يقوم عليه، ولولا أركان البيت لتهدم وانعدم وجوده.
أما اصطلاحا فهو أحد الجوانب في الشيء الذي يستند إليه، ويكون من ماهيته وداخلا فيه ومن أجزائه الأساسية.
وبإسقاط هذه التعاريف على أركان العقد يمكن أن نقول إن أركان العقد هي العناصر التي يقوم عليها العقد وبها (اي بهذه العناصر) يتحقق وجود العقد.
بمعنى أن أركان العقد هي الركائز التي يقوم عليها، بل والتي لا يقوم إلا بها، وعلى أساسها يتحقق وجوده. فإذا هي انعدمت إحداها أو بعضها أو كلها فإن العقد لا يقوم من أصله، فيكون هو والعدم سواء، ولا يرتب أيا من النتائج التي أًنشأ (بضم الألف) من أجلها.
وبالرجوع إلى الفصل 2 من قانون الالتزامات والعقود نجده ينص على ما يلي: “الأركان اللازمة لصحة الالتزامات الناشئة عن التعبير عن الارادة هي:
1 – الأهلية للالتزام.
2 – تعبير صحيح عن الإرادة يقع على العناصر الأساسية للالتزام.
3 – شيء محقق يصلح لأن يكون محلا للالتزام.
4 – سبب مشروع للالتزام.”
ومن خلال هذا النص نستخرج الأركان التي يقوم عليها العقد وهي: الرضى أو الإرادة – الأهلية – المحل – السبب. إلا أن بعض العقود تحتاج إلى أركان أخرى إضافية لتقوم صحيحة، حيث نجد ركن الشكل في العقود الشكلية، وركن التسليم في العقود العينية.
أولا: تعريف الرضى

الرضى أو التراضي هو توافق إرادتي المتعاقدين على إحداث الأثر القانوني المتوخى من العقد. ويتحقق هذا التوافق بتقديم أحد المتعاقدين عرضا يوجهه للمتعاقد الآخر، ونصطلح على ذلك العرض بالإيجاب، وبالمقابل يُصدر المتعاقد الذي وُجه إليه العرض (أي الإيجاب) قبولا. وباقتران الايجاب بالقبول يحصل التراضي ويتم العقد.
ومن خلال هذا التعريف نستنتج أن تعريف التراضي هو تعريفٌ للعقد نفسه، فهو جوهر العقد وماهيته، بل إن العقد والتراضي هما وجهان لعملة واحدة.
ثانيا: التعبير عن الارادة
من خلال التعريف الذي أعطيناه للرضى قلنا أنه يتم بتعبير طرفي العقد عن إرادتهما، والتي يجب أن تكونا متطابقتين، عن طريق إيجاب يصدر من أحد المتعاقدين وقبول يصدر من المتعاقد الآخر، مع ضرورة حصول اقتران بينها.
ولكل من الإيجاب والقبول أحكام خاصة بهما، حتى يقوما صحيحين ومنتجين لآثارهما، بل ولا يكفي صدور الايجاب والقبول متطابقين حتى يقوم العقد، بل لابد من حصول اقتران بينهما. وهو ما سنفصل فيه عبر النقاط التالية:
1- الايجاب.
2- القبول.
3- اقتران القبول بالإيجاب.
1- الإيجاب
أ-تعريف الايجاب
ب-القوة الملزمة للإيجاب
ج-سقوط الايجاب
د-التمييز بين الايجاب والدعوة إلى التعاقد
أ-تعريف الإيجاب
هو تعبير عن الإرادة، يعرض فيه الشخص على غيره أن يتعاقد معه. وقد يكون موجها لشخص معين وقد يكون موجها إلى أي شخص من الجمهور.
وبذلك يكون الايجاب هو ذلك العرض الذي يتقدم به شخص يسمى الموجب، مُظهرا رغبته في التعاقد مع شخص آخر يسمى المُوجب إليه، أي الشخص المقدم إليه العرض.
والموجب قد يقدم عرضه لشخص محدد، كما لو عرض حسام بيع منزل يملكه إلى عمر. وقد يكون موجها إلى أي شخص كان من الجمهور، كما لو عرض تاجر بضاعة في محله مكتوبا عليه ثمنها.
وهنا نتساءل…. عندما يقدم الموجب ايجابه، هل يبقى ملزما به إلى الأبد، أم أنه يحق له التراجع عنه؟ وبلغة أخرى هل للإيجاب قوة ملزمة؟ هذا ما سنجيب عنه في النقطة الموالية.
ب-القوة الملزمة للإيجاب
الأصل أن الايجاب ليس له قوة ملزمة، بحيث يجوز للموجب أن يرجع عن إيجابه في أي وقت شاء. إلا أن هذه القاعدة لها استثناءات يصبح فيها للإيجاب قوة ملزمة وهي:
• إذا اقترن الإيجاب بالقبول أو إذا شُرع (بضم الشين) في تنفيذ العقد من الطرف الآخر. وهو ما نص عليه الفصل 26 من ق.ل.ع. : “يجوز الرجوع في الإيجاب مادام العقد لم يتم بالقبول أو بالشروع في تنفيذه من الطرف الآخر” وهذا يعني أنه إذا أجاب المتعاقد الذي قُدِّم إليه الإيجاب، بالقبول، لم يعد بإمكان الموجب أن يتراجع عن إيجابه لأن العقد يكون قد تَمَّ. كما لا يمكنه أن يتراجع إذا شرع المتعاقد في تنفيذ العقد، إذ أنه يفهم من هذا الشروع أن المتعاقد قد قبل العرض الموجه إليه وانتقل إلى تنفيذ العقد.
• الإيجاب المقرون بأجل: أي أنه من تقدم بإيجاب مع تحديد أجل للقبول، يبقى ملزما تجاه الطرف الآخر إلى حين انصرام هذا الأجل. ويتحلل من إيجابه إذا لم يصله رد بالقبول خلال الأجل المحدد، وهو ما نص عليه الفصل 29 من ق.ل.ع.
وهو ما يحدث في الحياة العملية، حيث يترك الموجب للشخص الذي قدم له الإيجاب مهلة، أي فترة من الزمن، يحددها، حتى يصل الشخص المقدم إليه الايجاب إلى قرار بالتعاقد أو عدمه. ويلتزم الموجب طيلة المهلة بعدم الرجوع عن الايجاب أو تغييره، فإذا انقضت تلك المهلة دون أن يصدر قبول من الشخص الآخر يسقط الايجاب ويتخلص منه مُصدره.
• الإيجاب عن طريق المراسلة: من تقدم بإيجاب عن طريق المراسلة من غير أن يحدد أجلا، بقي ملزما به إلى الوقت المناسب لوصول الرد إلى المرسل إليه داخل أجل معقول، ما لم يظهر بوضوح من الايجاب عكس ذلك.
في هذه الحالة يكون الإيجاب مقدما عن طريق رسالة، أي أن المتعاقدين لا يكونان مجتمعان في مجلس واحد بل يكونان غائبان، ويتم التواصل بينهما عن طريق المراسلة.
في هذه الحالة، إذا حدد الموجب أجلا معينا للرد عليها، فإنه يكون ملزما بهذا الأجل ولا يجوز له أن يتراجع عن إيجابه إلى حين انقضاء ذلك الأجل.
أما إذا لم يحدد أجلا فإن المشرع ألزمه بالبقاء على ايجابه لمدة محددة وهي المدة التي يستغرقها وصول رد الشخص الذي أرسل إليه الإيجاب في الظروف العادية، بشرط أن يكون هذا الأجل معقولا. وهذا الأجل هو من الأمور الواقعية التي يرجع تقديرها إلى قاضي الموضوع حسب كل قضية على حدة.
ولكن إذا أوضح الموجب أنه لا يرغب في انتظار المدة التي تستغرقها المراسلة العادية، كأن يطلب حصول الرد هاتفيا أو واسطة برقية، فإنه يستطيع أن يتحلل من ايجابه دون انتظار انقضاء تلك المدة.
ولكن في حالة ما إذا صدر التصريح بالقبول في الوقت المناسب، ولكن لم يصل إلى الموجب إلا بعد انصرام الأجل الذي يكفي عادة لوصوله إليه، فإن الموجب لا يكون ملتزما، وبالمقابل يحق للطرف الآخر طلب التعويض من الشخص المسؤول عن التأخير. (الفصل 30 من ق.ل.ع.)
ج-سقوط الإيجاب
إن الإيجاب بعد أن يكون قد أنتج أثره بوصوله إلى علم من وُجه إليه، يمكن أن يتناوله السقوط، وذلك بأحد الأسباب التالية:
-إذا رفضه من وُجه إليه. أي أن الشخص الذي قدم له الموجب عرضا، قد قابله بالرفض وعدم القبول.
هذا الرفض يتخذ صورا مختلفة:
///////فقد يكون رفضا مجردا: أي يكتفي الموجِب له بعدم قبول العرض كاملا، ودون أن يقترح تعديلات أو شروط لذلك الإيجاب.
///////وقد يكون إيجابا جديدا يعارض الإيجاب الأول: أي أن الموجب له في هذه الحالة يرفض الايجاب المقدم له فيسقطه ويقدم بالمقابل عرضا نسميه في هذه الحالة إيجابا مسقطا للإيجاب الأول.
/////// وقد يتخذ شكل قبول مقرون بشرط أو قيد: في هذه الحالة يقوم الشخص الموجه إليه الإيجاب بتعليق قبوله على شرط أو قيد، في هذه الحالة يكون قد أسقط الإيجاب الموجه إليه، وتعتبر تلك التعديلات والقيود المقترحة عبارة عن إيجاب جديد مسقط للإيجاب الأول.
-إذا انقضت المدة المعينة للقبول صراحة من قبل الموجب نفسه، أو ضمنا إذا كان الإيجاب عن طريق المراسلة.
-إذا مات الموجب أو أصبح فاقد الأهلية قبل أن يصدر قبول الطرف الآخر. (الفصل 31 من ق.ل.ع.) في هذه الحالة يصدر الموجب إيجابه، ولكن قبل أن يجيب الشخص الموجه إليه الإيجاب بالقبول، يموت الموجب أو يفقد أهليته، في هذه الحالة يسقط الإيجاب ولا يعتد بالقبول الصادر بعد الموت أو فقدان الأهلية. وعلى العكس من ذلك إذا أجاب الشخص الموجه إليه الإيجاب بالقبول ثم مات الموجب أو فقد أهليته، في هذه الحالة فإن الايجاب لا يطاله السقوط، ويعتبر العقد قائما.
د-التمييز بين الإيجاب والدعوة إلى التعاقد
الدعوة إلى التعاقد هي عرض مقدم من طرف شخص معين أو إلى الجمهور يدعو فيها للتعاقد معه. وهي بذلك تشبه الإيجاب، لكنها تختلف عنه بما يلي:
تتميز الدعوة إلى التعاقد بكونها لا تشمل العناصر الجوهرية للعقد المراد إبرامه كالإيجاب. ومثال ذلك شركة تضع إعلانا في صحيفة أو على المواقع الالكترونية، تعلن فيها عن حاجتها إلى محاسب يحمل شهادة الماستر في العلوم الاقتصادية، فإذا استجاب شخص ما لهذه الدعوة، فإن ذلك لا يعتبر قبولا ينعقد به العقد، بل تكون إيجابا تستطيع الشركة صاحبة الدعوة إلى التعاقد قبوله أو رفضه.
وعلى أي فإن التمييز بين الدعوة إلى التعاقد وبين الايجاب هي مسألة موضوعية تخضع لتقدير قاضي الموضوع حسب كل قضية على حدة.
والمشرع المغربي قد نص في الفصل 32 على أن إقامة المزاد (أي المزايدة) لا يشكل إيجابا، بل هي تعتبر دعوة إلى التعاقد. فإذا تقدم أحد بعرض فإن ذلك يعتبر إيجابا منه، وكل عرض يسقط بالعرض الذي يزيد عليه. وتعتبر المزايدة مقبولة ممن يعرض الثمن الأخير، ويلتزم هذا العارض بعرضه إذا قبل البائع الثمن المعروض، وهو ما يسمى قبولا.
ومعناه أن الشخص الذي يقيم مزادا لا يعتبر ذلك إيجابا منه، بل هي دعوة إلى التعاقد، والعروض التي يتقدم بها المزايدون هي التي تعتبر ايجابا، وكل إيجاب صادر يسقط بالإيجاب الموالي، أي العرض الذي يقدمه مزايد آخر ويزيد فيه بالثمن عن العرض السابق.

وتنتهي بالعرض (أي بالإيجاب) الذي يقدم أعلى ثمن، الذي يبقى صاحبه ملزما به إذا قبله البائع وهو ما نسميه قبولا.
2- القبول
أ-تعريف القبول
هو تعبير من وجه إليه الإيجاب بقبوله بما عرضه الموجب، والذي بصدوره متطابقا مع الإيجاب تتم معه عملية التعاقد بين الموجب والقابل. وبذلك يكون القبول هو أيضا تعبير عن الإرادة يصدر من قبل الشخص الذي تم توجيه الإيجاب إليه، يبين فيه أنه قد رغب بشكل جدي في العرض المقدم إليه والذي يجب أن يكون مطابقا للإيجاب تمام المطابقة، فلا يضيف شروطا ولا يقصي بنودا من بنود الإيجاب.
ب-طرق التعبير عن القبول
إن التعبير عن الإرادة لا يأخذ شكلا واحدا فقط، بل يأخذ أشكالا متعددة، وهو ما يجعل القبول -والذي هو تعبير عن الإرادة- يمكن أن يأتي صريحا كما يمكن أن يكون ضمنيا. إلا أنه لا يمكن عن طريق السكوت إلا إذا تعلق الإيجاب بمعاملات سابقة بدأت فعلا بين الطرفين. الفصل 25 ق.ل.ع.
وهو ما يعني أن الشخص التي تلقى الإيجاب وأراد التعبير عن إرادته بالقبول، يمكن أن يعبر عن هذا القبول صراحة أي بعبارات صريحة لا غبار عليها، ولا يشوبها الغموض ولا تقبل الخلاف حول مضمونها.
كما يُقبل من المتعاقد تعبيره عن القبول بطريقة ضمنية، أي باستخدام عبارات لا تدل بشكل مباشر على القبول، وإنما يستفاد القبول وفقا لظروف التعاقد.
أما السكوت كتعبير عن الإرادة فلم يُجزه المشرع إلا استثناء تطبيقا للقاعدة الفقهية المعروفة وهي أنه “لا ينسب إلى ساكت قول”، أي أن الشخص الذي ركن إلى السكوت لا يمكن أن نفسر سكوته على أنه قبول ضمني، إلا في حالة استثنائية أقرها المشرع نفسه وهي في حالة كان الإيجاب يتعلق بمعاملات سابقة بدأت فعلا بين الطرفين، فإذا سكت الموجه إليه الايجاب في هذه الحالة فإن سكوته يعتبر قبولا.
ويقوم مقام القبول، شروع من وجه إليه الايجاب في تنفيذ العقد. وذلك في حالتين:
– عندما يكون الرد بالقبول غير مطلوب من الموجب. أي عندما تكون طبيعة المعاملة تدل على أن الموجب لم يكن لينتظر تصريحا بالقبول. مثال ذلك: عندما يدخل شخص إلى المستشفى ويطلب من طبيب إجراء عملية جراحية له، فإن مجرد شروع الطبيب بالتحضير للعملية الجراحية يقوم مقام قبوله بالطلب الذي طلب منه، أي قبوله إجراء العملية.
– عندما لا يقتضي العرف التجاري هذا القبول. كما هو معروف فإن العرف يعتبر من مصادر القانون عامة، وعندما يتعلق الأمر بالقانون التجاري وهنا نتحدث عن المعاملات التجارية، فإن العرف يحتل مكانة قوية، وله قوة ملزمة في المعاملات التجارية، وبذلك إذا شرع الشخص الذي وُجه إليه الايجاب بخصوص معاملات تجارية، في تنفيذ العقد، وكان العرف التجاري لا يقتضي التعبير عن القبول. فإن ذلك الشروع في التنفيذ يعد بمثابة قبول. مثال ذلك: لو أرسل تاجر فاتورة إلى المشتري تتضمن شرطا يوجب على هذا الأخير دفع الثمن في موطن البائع، فإن تصرف المشتري في البضاعة يعتبر قبولا لشرط البائع.
ج-شروط القبول
– أن يصدر في وقت مازال الإيجاب فيه قائما. (سنتعمق في هذا الشرط في العنوان الموالي)
– أن يكون مطابقا للإيجاب تمام المطابقة، فإذا كان معلقا على شرط أو متضمنا قيدا، فإنه يعتبر بمثابة رفض للإيجاب متضمنا إيجابا جديدا. وهو ما وضحناه سابقا (الفصل 27 من ق.ل.ع.) ويعتبر القبول مطابقا للإيجاب إذا اكتفى المجيب بقوله “قبلت”، أو إذا نفذ العقد بدون تحفظ. (الفصل 28 من ق.ل.ع.)
د-اقتران القبول بالإيجاب
لا يكفي لتمام العقد أن يصدر إيجاب وقبول متطابقان، بل يجب أن يقترن القبول بالإيجاب. وتختلف صور الاقتران باختلاف طرق التعاقد، فقد يكون:
– بين حاضرين يجمعهما مجلس العقد.
– بالمراسلة.
– بواسطة رسول أو وسيط.
– بواسطة الهاتف.
ولكل واحدة من هذه الطرق قواعد خاصة بها، غير أنها جميعا تخضع لبعض القواعد العامة المشتركة.
 القواعد المشتركة:
يكون اقتران الايجاب بالقبول كالتالي:
– يجب أن يشمل تراضي الطرفين العناصر الأساسية للعقد وباقي الشروط الأخرى التي يعتبرها الطرفان أساسية.
ففي عقد البيع مثلا لابد أن يكون الإيجاب والقبول قد تطابقا من حيث تعيين المبيع وتحديد الثمن وسائر ما يعتبره الطرفان أساسيا لإنجاز البيع. أما إذا كان التراضي قد اقتصر على بعض العناصر الأساسية وأهملت (بضم الألف) عناصر أساسية بحيث لم يتناولها الإيجاب والقبول، كأن يقول أحد لآخر بعتك هذه الدار ويقبل الطرف الآخر الشراء دون أن يحدد الطرفان الثمن، فإن العقد يعتبر غير تام ولا ملزم.( الفقرة 1 من الفصل 19 من ق.ل.ع)
وعليه فإن الايجاب والقبول يجب أن يشملا جميع العناصر الأساسية والجوهرية للعقد وهذه العناصر تختلف من عقد لآخر. كما يجب أن تكون الشروط التي يضعها كل طرف من أطراف العقد، والتي يعتبرها ضرورية، محل قبول من الطرف الآخر، فإذا لم يتحقق ذلك فإن الرضى يكون معيبا أو ينهدم ركن الرضى حسب الحالات.
– التعديلات التي يجريها الطرفان بإرادتهما على الاتفاق فور إبرامه تعتبر جزءا من العقد الأصلي، ما لم يُصرح بخلافه.
وهذا يعني أنه إذا أبرم الطرفان عقدا معينا، ثم عمدا بعد ذلك وقبل افتضاض مجلس العقد على إجراء تعديلات على ذلك العقد، فإن تلك التعديلات لا تعتبر عقدا جديدا منفصلا، بل تعتبر جزء من العقد المبرم في البداية.
فمثلا إذا أقدم البائع والمشتري على أداء الثمن دفعة واحدة، ثم اتفقا في نفس مجلس العقد على أن يؤدى الثمن أقساطا. فإن هذا الاتفاق لا يعتبر عقدا جديدا قائما بذاته، مُعدلا للعقد السابق، وإنما يعتبر جزءا لا يتجزأ من العقد القديم ومن صلبه، هذا ما لم يتفق الطرفان على عكس ذلك. وهو ما نصت عليه الفقرة 2 من الفصل 19 من ق.ل.ع.
((((لكن يجب أن ننتبه إلى ملاحظة مهمة جدا، وهي أنه بالرغم من أن الفصل 19 في فقرته الثانية ينص على أن “التعديلات التي يجريها الطرفان فور إبرام العقد لا تعتبر جزء من الاتفاق”، إلا أن هذه المقتضيات غير صحيحة لأن النص الأصلي الذي صيغ باللغة الفرنسية ينص على أن تلك التعديلات تعتبر جزءا من العقد الأصلي. وأنه قد تسرب خطأ إلى النص العربي أثناء ترجمته من اللغة الفرنسية.))))
– لا يكون العقد تاما إذا احتفظ المتعاقدان صراحة بشروط معينة لكي تكون موضوعا لاتفاق لاحق. وما وقع عليه الاتفاق من شرط أو شروط والحال هذه لا يترتب عليه التزام، ولو حررت مقدمات الاتفاق كتابة. (الفصل 20 من ق.ل.ع.)
وبعبارة أخرى إذا أبرم متعاقدان عقدا معينا، ثم اتفقا على أن بعض الشروط المتعلقة بالعقد لن يتفقا عليها بمقتضى العقد المبرم، بل سيؤجلانها لحين إبرام اتفاق آخر، ففي هذه الحالة لا يعتبر العقد مبرما بأي حال من الأحوال، وما تم إرساؤه بمقتضى العقد لا يرتب أي أثر، ولا يلزم أي طرف من أطراف العقد ولو تم تحرير العقد كتابة.
مثلا إذا اتفق البائع والمشتري على تعيين المبيع وتحديد الثمن ونَظَمَا العقد كتابة، ونصا فيه على أنهما يتركان بيان زمان ومكان أداء الثمن لعقد آخر يبرمانه لاحقا، فإن عقد البيع لا يعتبر قد تم بينهما، ولا يلتزمان حتى بالشروط التي اتفقا عليها.
– التحفظات والقيود التي لم تصل إلى علم الطرف الآخر لا تُنقص ولا تُقيد آثار التعبير عن الإرادة المستفادة من ظاهر اللفظ. (الفصل 21 من ق.ل.ع.)
أي أنه لا يعتد بالإرادة التي لم تخرج إلى العلن وعلم بها المُتعاقَد (بفتح حرف القاف) معه، لأن العبرة في التراضي للإرادة الظاهرة التي اطمأن إليها كل من الموجب والقابل، لا إلى الإرادة الباطنة الكامنة في النفس والتي ليس بالوسع الاحاطة بها. وبالتالي لا يمكن للمتعاقد أن يحتج بها.
فلو اشترى شخص مؤسسة تجارية وقَبِلَ الشراء دون تحفظ أو قيد، فليس له منع البائع فيما بعد من فتح مؤسسة شبيهة بالمؤسسة المبيعة، تأسيسا على أن إرادته الباطنة كانت منصرفة إلى أن من حقه التمسك بهذا المنع.
 التعاقد بين حاضرين يجمع بينهما مجلس العقد
إذا جرى التعاقد بين حاضرين يجمع بينهما مجلس العقد، وجب أن يصدر القبول في هذا المجلس. بمعنى أنه لو جمع المتعاقدين مجلس واحد، فإنه يتوجب على من وجه إليه إيجابٌ غير مقترن بأجل للقبول، أن يصدر قبوله قبل انفضاض مجلس العقد، وإلا حق للموجب أن يتحلل من إيجابه. (الفقرة 1 من الفصل 23 من ق.ل.ع.)
والمقصود بمجلس العقد: الفترة الزمنية التي تمتد بعد الايجاب والطرفان مقبلان على التعاقد، دون إعراض من أحدهما عنه (عن التعاقد). ويظل مجلس العقد بهذا المعنى قائما طالما بقي الطرفان منشغلان بالتعاقد، وينفضُّ إذا انصرف الطرفان أو أحدهما، أو إذا صرف أحدهما أو كلاهما عن التعاقد شاغل آخر حتى لو ظل يجمعهما مجلس واحد.
 التعاقد بالمراسلة:
وهو تعاقد يتم بين شخصين لا يجمعهما مجلس واحد، عن طريق تبادل الرسائل.
وفي هذه الحالة يقترن الإيجاب بالقبول في الوقت والمكان اللذين يردُّ فيهما من تلقى الإيجاب بقبوله. (الفصل 24 من ق.ل.ع.).
مثال ذلك لو أرسل تاجر رسالة بتاريخ 10يناير 2018 من مدينة فاس، يعرض فيها على تاجر آخر من الرباط بيع بضاعة بشروط معينة، فيجيب التاجر برسالة يرسلها من الرباط بتاريخ 20 يناير 2018 يضمنها قبوله الشراء بالشروط المعينة، فإن مكان انعقاد العقد يكون هو مدينة الرباط وتاريخه هو 20 يناير 2018.
ويتوجب أن يتم هذا القبول داخل الأجل الذي حدده الموجب للقبول، فإذا لم يحدد أجلا يبقى ملتزما بإيجابه إلى الوقت المناسب لوصول رد المرسل إليه داخل أجل معقول، ما لم يظهر بوضوح من الايجاب عكس ذلك. (الفصل 30 من ق.ل.ع.) وهو ما سبق وأن وضحناه سابقا
 التعاقد بواسطة رسول أو وسيط
يتم هذا العقد في الوقت والمكان اللذين يرُد فيهما من تلقى الإيجاب بالقبول. (الفقرة 2 من الفصل 24 من ق.ل.ع.)
 التعاقد بواسطة الهاتف
اعتبر المشرع أن التعاقد بواسطة الهاتف كالتعاقد بين حاضرين من حيث الزمان، وعليه فالإيجاب يعتبر كأن لم يكن إذا لم يقبل على الفور من الطرف الآخر.
أما من حيث المكان فإن المشرع قد التزم الصمت ولم يجب عن هذه النقطة بنص صريح. ويرى بعض الفقه (الأستاذ مأمون الكُزْبَرِي) أن مكان انعقاد العقد هو المكان الذي يوجد فيه القابل، على اعتبار أن المشرع قد اعتبر أن انعقاد العقد بين غائبين يتم بمجرد إعلان القابل لقبوله.
ثالثا: عيوب الرضى
عندما يكون الأطراف بصدد التعاقد، قد تلحق إرادتهما عيوب تشوهها فتجعل العقد قابلا للإبطال. ويكون رضى أحد المتعاقدين معيبا عندما يتخلله أحد العيوب المحددة في القانون، والتي تجعل إرادته غير سليمة ولا تصدر عنه عن بينة واختيار.
ولابد من التفرقة بين الحالة التي يكون فيها الرضى موجودا، لكنه معيب بأحد عيوب الرضى، حينها يكون العقد قابلا للإبطال.
وبين الحالة التي يكون فيها مفقودا بالمرة، كما في حالة فاقد الأهلية كالمجنون والصغير غير المميز، حينها يفقد العقد ركنا من أركانه وهو الأهلية فيقع العقد باطلا. (سنتطرق في الدروس القادمة للبطلان والابطال والفرق بينهما)
وعيوب الرضى حسب ق.ل.ع. هي: الغلط، الإكراه، التدليس، الغبن، المرض، والحالات المشابهة له.
1-الــغـــلـــط
لم يعرف المشرع الغلط، وإنما نظم أحكامه في الفصول من 40 إلى 45 ن ق.ل.ع. ويمكن تعريفه بأنه وهم يصور للمتعاقد الواقع على خلاف حقيقته ويدفعه إلى التعاقد. وحالاته هي:
أ-الغلط في القانون
ب-الغلط في الشيء
ج-الغلط في الشخص
د-الغلط في الحساب
ي-الغلط الواقع من الوسيط
أ-الغلط في القانون
ويتحقق عندما يفهم المتعاقد القانون بشكل غير صحيح، فيتعاقد على أساس فهمه المغلوط. ومثال ذلك أن يكتب قاصر وصيته، فيقوم وريث بتنفيذها عبر دفع ما أوصي (بضم الألف) به من تبرعات. في هذه الحالة يحق لهذا الوريث الادعاء بأن رضاه كان معيبا بعيب الغلط في القانون ويطالب بإبطال العقد. (فالقانون يمنع القاصر من إبرام عقود التبرع على اعتبار أنه تصرف يضر به ضررا محضا)
ولكن من أجل تقرير الإبطال بسبب الغلط في القانون، يجب توافر الشروط التالية: (الفصل 40 من ق.ل.ع.)
– أن يكون الغلط هو السبب الوحيد أو الأساسي لإبرام العقد. بحيث لو اكتشفه المتعاقد قبل إبرام العقد لما أقبل على التعاقد.
– أن يكون الغلط مما يعذر عنه. كأن يكون الشخص أميا أو طاعنا في السن.
– ألا يكون المشرع قد منع ذلك بنص خاص. فقد لا يسمح المشرع بإبطال العقد بالرغم من الغلط الذي وقع فيه المتعاقد فمثلا الفصل 73 من ق.ل.ع. نص على أنه إذا قام شخص متمتع بأهلية التصرف على سبيل التبرع، بدفع مبلغ من المال تنفيذا لالتزام معنوي، أو لسداد دين سقط بالتقادم، وهو يعتقد عن غلط أنه ملزم بالدفع، أو وهو يجهل واقعة التقادم، فإنه يمنع عليه التمسك بالغلط في القانون لإبطال التصرف الذي أجراه واسترداد ما دفع.
أي أن المتعاقد الراشد الذي دفع مبلغا من المال ظنا منه أنه ملزم بدفعه، كمن يدفع تعويضا -بسبب حادثة سير ارتكبها- للسائق المصاب ولأولاده ظنا منه بأنه ملزم بتعويض الأبناء أيضا، لا يمكنه أن يطالب بإرجاء المبلغ الذي دفعه، غلطا، للأبناء.
نفس الشيء بالنسبة للتقادم، فالذي يدفع دينا سقط بالتقادم وهو لا يعلم بذلك، فإنه لا يحق له المطالبة بإرجاع المبلغ الذي دفعه لأن القانون يمنع ذلك صراحة.
ب-الغلط في الشيء
الغلط في الشيء يخول الإبطال إذا وقع في ذات الشيء أو في نوعه أو في صفة فيه كانت هي السبب الدافع إلى التعاقد. (الفصل 41 من ق.ل.ع.)
الغلط في ذات الشيء يكون كما لو اشترى شخص ساعة ظنها من ذهب في حين أنها من الفضة.
والغلط في نوع الشيء كما لو اشترى شخص سلعة على أنها من النوع الممتاز و إذ هي من النوع الرديء.
والغلط في صفة هي الدافع للتعاقد كمن يشتري آنية ذهبية على أنها أثرية، ثم يتضح أنها ليست أثرية، حيث يسوغ إبطال العقد حتى ولو كانت الآنية ذهبية، إذا تبين أن المشتري ما كان ليقدم على الشراء لو علم أن الآنية غير أثرية.
ج-الغلط في الشخص
الغلط الواقع على شخص أحد المتعاقدين أو على صفته لا يخول الإبطال إلا إذا كان هذا الشخص أو هذه الصفة أحد الأسباب الدافعة إلى التعاقد. (الفصل 42 من ق.ل.ع.)
ومن أمثلة الغلط الواقع على شخصية المتعاقد معه أن يَهب الإنسان مالا لشخص معين، ثم يتبين له أنه غير الشخص الذي أراد أن يخصه بالهبة.
أما الغلط الواقع على صفة المتعاقد معه كأن يعهد المتعاقد بشخص بالإشراف على البناء اعتقادا منه أنه مهندس، ثم يتضح له أنه ليس بمهندس.
وفي كلا المثالين يجب أن يكون ذات الشخص أو صفته هي الدافع إلى التعاقد.
د-الغلط في الحساب
لا يخول الغلط في الحساب إبطال العقد، بل يتوجب تصحيح ذلك الغلط، ويستمر العقد على الأساس الصحيح. (الفصل 43 من ق.ل.ع.)
ي-الغلط الواقع من الوسيط
إذا تم العقد عن طريق وسيط، ووقع هذا الوسط في غلط. فإن للمتعاقد الذي استخدم الوسيط أن يعتد بهذا الغلط كسبب للمطالبة للإبطال في الحالات التي يسمح فيا القانون للمتعاقد نفسه المطالبة بالذغبطال. (الفصل 45 من ق.ل.ع.)
—–وفي جميع الأحوال يتوجب على القضاة عند تقدير الغلط أو الجهل سواء تعلق بالقانون أو بالواقع، أن يراعوا ظروف الحال، وسن الأشخاص وحالتهم وكونهم ذكورا أو إناثا. (الفصل 44 من ق.ل.ع.)
وبالتالي فإن تقدير وجود الغلط أو انتفائه لا يقوم على أسس موضوعية، وإنما على معايير ذاتية توجب الأخذ بكل حالة على حدة ومراعاة الظروف التي رافقت هذا العيب.
2-الإكـــــراه
أ- تعريف الإكراه
عرفه الفصل 46 بأنه إجبار يُباشر من غير أن يسمح به القانون، يَحمل بواسطته شخص شخصا آخر على أن يعمل عملا بدون رضاه.
وعليه فالإكراه يعيب الإرادة في أهم عنصر من عناصرها، ألا وهو عنصر الحرية والاختيار. إذ أن المتعاقد لا يريد أن يتعاقد، ولكن الرهبة والخوف اللذان ولدهما الإكراه، دفعه إلى التعاقد.
من جهة أخرى فإن المكره ليس عديم الإرادة، لأنه تعاقد بإرادته التي لم تكن حرة، بحيث كان عليه أن يختار إما أن يتحمل الأذى المُهدد به، وإما أن يتعاقد، وكلاهما شر، فاختار التعاقد كأهون الشرين لدرء الضرر عن نفسه أو عن غيره.
ويترتب على ذلك أن العقد المشوب بالإكراه لا يعتبر باطلا لانتفاء الإرادة، بل إن هذا العقد يعتبر قابلا للإبطال لعيب أصاب الإرادة.
ب- شروط الإكراه
حتى يُنتج الإكراه أثره ويخول إبطال العقد، لابد أن تتحقق فيه شروط وهي:
الشرط الأول: أن يقوم على وقائع من شأنها أن تحدث لمن وقعت عليه ألما جسميا أو اضطرابا نفسيا، أو الخوف من تعريض نفسه أو شرفه أو أمواله لضرر كبير، مع مراعاة السن والذكورة والأنوثة وحالة الأشخاص ودرجة تأثرهم (الفصل 47 من ق.ل.ع.)
من خلال هذا الشرط يجب أن يكون الإكراه إما:
جِسْمِياً: أي أن تقع وسيلة الضغط على جسم المكره كالضرب والتعذيب…
نفسيا: وهو التهديد بإلحاق الأذى بالمُكره أو غيره من أقاربه في الجسم أو النفس أو المال أو الشرف. كالتهديد بإثارة فضيحة أو التهديد بالضرب.
لكن الخوف الناشئ عن الاحترام لا يخول الإبطال كنفوذ الأب على ابنته أو الزوج على الزوجة. إذ لا يشكل بحد ذاته إكراها نفسيا إلا إذا صاحبته تهديدات جسيمة أو أفعال مادية. (الفصل 51 من ق.ل.ع.)
ويعتد بالإكراه وإن لم يباشره المتعاقد الذي وقع الاتفاق لمصلحته. أي ولو مارس الإكراه شخص غير المتعاقد( الفصل 49 من ق.ل.ع.) كما يعتد به ولو وقع على شخص يرتبط عن قرب مع المتعاقد بعلاقة دم. (الفصل 50 من ق.ل.ع.)
وأخيرا يجب أن تكون الوسيلة المستعملة للإكراه، قد بعثت الرهبة والخوف في نفس المكره جعلته يتصور أن خطرا جسيما يهدده، وضررا عظيما ينتظره. وتقدير ما إذا كانت تلك الوسيلة قد أثرت على المتعاقد، هي من المسائل الواقعية التي ترجع إلى قاضي الموضوع تقديرها حسب معايير: السن والنوع (ذكر أم أنثى) وحالة الأشخاص ودرجة تأثرهم.
الشرط الثاني: أن يكون الإكراه هو الدافع إلى التعاقد
أي يجب أن يكون الإكراه هو الذي دفع المتعاقد المكره إلى إبرام العقد، بحيث لولا ذلك الإكراه لما أقدم على التعاقد. فإذا اقتصر أثر الإكراه مثلا على التعجيل في إبرام العقد الذي كان المتعاقد مصمما على إبرامه، فإنه لا يشكل عيبا للإرادة يجيز إبطال العقد، وإنما يعتبر عملا غير مشروع يترتب عليه إعطاء المكره الحق في المطالبة بالتعويض.
الشرط الثالث: أن يكون الهدف من الاكراه تحقيق غرض غير مشروع
لكي يُخَوِّل الإكراه للمتعاقد المُكره الحق في المطالبة بالإبطال، يجب أن يكون المقصود من الإكراه تحقيق غرض غير مشروع. سواء كانت الوسيلة المستعملة مشروعة أو غير مشروعة. ونوضح ذلك حسب الحالات التالية:
*حالة استعمال وسيلة مشروعة للوصول إلى غرض غير مشروع: كأن يهدد الدائن مدينه بإلقاء الحجز على أمواله إذا لم يدفع له أكثر من المستحق. ففي هذه الحالة فالتهديد بالحجز على الأموال وسيلة مشروعة ويسمح بها القانون لكن الهدف غير مشروع وهو الحصول على أكثر مما يستحقه الدائن. في هذه الحالة يتحقق الإكراه، وهو ما نص عليه الفصل 48 من ق.ل.ع.: الخوف الناتج عن التهديد بالمطالبة القضائية أو عن الإجراءات القانونية الأخرى لا يخول الإبطال، إلا إذا استغلت حالة المتعاقد المهدد بحيث تنتزع منه فوائد مفرطة أو غير مستحقة.
*حالة استعمال وسيلة غير مشروعة للوصول الى غرض غير مشروع: كما لو هدد المتعاقد بخطف ابن المتعاقد معه إن لم يبرم معه صفقة لا يفرضها عليه القانون. وفيها يتحقق الإكراه.
*حالة استعمال وسيلة مشروعة للوصول إلى هدف مشروع: كأن يهدد الدائن الذي حل ميعاد استحقاق دينه مدينه بالمطالبة القضائية. في هذه الحالة لا يتحقق الإكراه.
*حالة استعمال وسيلة غير مشروعة للوصول الى هدف مشروع: لا يتحقق فيها الاكراه شريطة الا تصل الوسيلة إلى حد الجريمة التي يعاقب عليها القانون. مثال ذلك المرأة التي تهدد رجلا كانت معه في علاقة غير شرعية بإخبار خطيبته بالعلاقة التي كانت بينهما، اذا لم يدفع لها مبلغا من المال، كتعويض عن الضرر الذي لحق بها من جراء علاقتهما.
ففي هذه الحالة فالمرأة تستحق التعويض بحكم الضرر الذي سببه الرجل، والتهديد الذي قامت به بالرغم من أنه غير مشروع فإنه لا يخول الابطال. ولكن إذا هددت المرأة الرجل بالقتل أو بنشر صوره وهو مجرد من ثيابه على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن هذا التهديد يخول إبطال العقد، لأنه وصل الى حد ارتكاب جريمة وهي جريمة التهديد بالقتل وجريمة التشهير.

عالـم القانون

عالم القانون World of law هو موقع (www.alamalkanoun.com) ينشر مقالات قانونية مواكبة لأخر المستجدات القانونية في شتى تخصصاتها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق