محكمة النقض تحسم في جريمة تجزئة عقارية بدون ترخيص وبيع ملك غابوي

تفويت قطع أرضية دون ترخيص يورط متهمًا في النصب والاعتداء على الملك الغابوي

تجزئة عقارية غير مرخصة وسط منطقة طبيعية قرب غابة، توضح البناء العشوائي والاعتداء على المجال الغابوي

القرار عدد 286
الصادر بتاريخ 20 مارس 2013
في الملف الجنحي عدد 2012/5/6/10270

 

تجزئة عقارية بدون ترخيص – إبراز العناصر التكوينية للجريمة

 

 

إن المحكمة لما أدانت المتهم من أجل النصب وتقسيم وتجزئة عقار وبيعه دون ترخيص، اعتمادًا على اعترافه بإقدامه على تقسيم العقار موضوع الدعوى وبيعه قطعًا أرضية من أجل إقامة البناء عليها، من غير أن يحصل على أي ترخيص بذلك، تكون قد عللت قرارها تعليلًا قانونيًا سليمًا.

 

 

رفض الطلب

 

باسم جلالة الملك وطبقًا للقانون

 

بناءً على طلب النقض المرفوع من طرف محمد (ب)، بمقتضى تصريح أفضى به بواسطة دفاعه بتاريخ 28/03/2012، أمام كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف بأكادير، الرامي إلى نقض القرار الصادر عن غرفة الجنح الاستئنافية بنفس المحكمة بتاريخ 27 مارس 2012، في القضية الجنحية عدد 12/551، القاضي مبدئيًا بتأييد الحكم الابتدائي المحكوم عليه بمقتضاه من أجل النصب وتقسيم وتجزئة عقار وبيعه دون ترخيص والاعتداء على الملك الغابوي، بعد إعادة التكييف، بسنة ونصف حبسا، نافذة في حدود عشرة أشهر، وغرامة نافذة قدرها 70.000 درهم، وبأدائه تضامنًا مع الغير غرامة قدرها 62.400 درهم، مع تعديله بجعل عقوبة الحبس نافذة بأكملها.

إن محكمة النقض

بعد أن تلا السيد المستشار أحمد اللهيوي التقرير المكلف به في القضية،
وبعد الاستماع إلى السيد أحمد مسموكي، المحامي العام، في مستنتجاته،
وبعد المداولة طبقًا للقانون،
ونظرًا لمذكرة النقض المدلى بها من قبل الطاعن بواسطة الأستاذ مصطفى جريد، المحامي بهيئة أكادير والمقبول للترافع أمام محكمة النقض.

في شأن الوسيلتين المستدل بهما على النقض مجتمعتين، والمتخذتين من:

• عدم الجواب على الدفوع المثارة بصفة نظامية، والمنزل منزلة انعدام التعليل،
• نقصان التعليل وفساده الموازيان لانعدامه، وانعدام الأساس.
ذلك أن العارض أدلى في المرحلة الابتدائية بوثيقة قضائية تفيد حيازة وملكية جده بوعامر للملك موضوع الدعوى، كما أدلى بتقرير خبرة يفيد عدم مطابقة معطيات التحديد الإداري المؤرخ في 03/01/1916، المتعلق بتحديد مجموع غابات تراب أكادير، والتمس ضم هذه الوثائق للملف والعمل بها، باعتبارها تثبت وجه مدخله في النزاع القائم مع إدارة المياه والغابات.
غير أن المحكمة لم تناقش ما تم الإدلاء به، ولم تجب عن الدفع المتعلق بمؤدى تلك الوثائق، بل ولم تشر إليها لا من قريب ولا من بعيد، مما يكون معه قرارها المطعون فيه، بعدم أخذه بالوثائق المقدمة والجواب عنها جوابًا كافيًا، قد اتسم بعيب نقصان التعليل الموازي لانعدامه.
كما أن القرار وإن أشار إلى وقائع القضية، فإنه في معرض تعليلاته لم يبرز الوصف القانوني لتلك المعطيات، ولم يبرز كذلك توفر وقيام عناصر الجريمة التي كونت المحكمة قناعتها منها، واكتفى بسرد ما جاء في الحكم الابتدائي، دون مناقشة تعليلاته، خاصة وأن الاستئناف ينشر الدعوى من جديد.
وأنه لئن كان بمقتضى الفصل 540 من القانون الجنائي، يعد مرتكبًا لجريمة النصب ويعاقب بهذه الصفة كل من استعمل الاحتيال ليوقع شخصًا في الغلط، بتأكيدات خادعة أو بإخفاء وقائع صحيحة، واستغلال ماكر لخطأ وقع فيه الغير، فيدفعه بذلك إلى أعمال تمس مصالحه أو مصالح الغير المالية، قصد الحصول على منفعة مالية له أو لغيره، فإن المحكمة فيما ذهبت إليه بخصوص الاعتداء على الملك الغابوي لم تبرز عناصر الفصل 540 المذكور، واعتبرت أن العارض اعترف تمهيديًا بأن البقع الأرضية التي فوتها بعد تجزئتها تدخل ضمن الملك الغابوي، وهذا تأويل غير صحيح وفاسد.
ذلك أن العارض في بداية البحث أكد أن الملك في أصله كان لجده وقد آل إليه فيما بعد، وأن هذا التصريح لا يُعد اعترافًا، لأن من شروط الاعتراف أن يكون صريحًا لا لبس فيه، ولا يحتمل الشك أو التعارض في مضمونه، سيما وأن العارض في نازلة الحال أكد تملكه للعقار، ونفى تملكه لإدارة المياه والغابات، وذلك عند مناقشته من طرف المحكمة على مستوييها، كما أكد أن التصرف في الملك المشار إليه كان له أبا عن جد، وأن إدارة المياه والغابات لم تدلِ بما يفيد أن العارض ومن سبقه كانوا يشغلون العقار بوجه آخر، ولا قدمت ما يفيد إشعارهم بأي إجراء قانوني بشأن استعمالهم لهذا الملك.
هذا، ويُلاحظ أن المحكمة لما قالت إن العارض أخفى عن الطرف المشتكي عدم تملكه للعقار موضوع البيع، ورغم علمه بأنه في ملك إدارة المياه والغابات، يكون بذلك قد أوقع المشتري في غلط يمس مصالحه المالية وحقق لنفسه منفعة مالية، فإنها – أي المحكمة – لم تبرز بذلك الركن المادي لجريمة النصب وفق الفصل 540 من القانون الجنائي، طالما أن العارض يؤكد أنه وأجداده يحوزون العقار حيازة ظاهرة، ويسكنون في نفس المنطقة، واستدل للراغبين في الشراء بوثائق صحيحة غير مزورة، وليس هو البائع الوحيد في المنطقة، التي تعرف هذا النوع من البيوع.
الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه، وبعدم جوابه عن الدفع بانعدام الركن المعنوي، أي بعدم تبيانه للقصد الجنائي في الجريمة، قد شابه تعليل فاسد وجاء غير مبني على أساس، ويتعين نقضه وإبطاله.

لكن:

من جهة أولى، فإن القرار المطعون فيه، متى أيد الحكم الابتدائي واعتبره معللًا بأسباب كافية، يكون قد تبنّى علل وأسباب ذلك الحكم، ولا يكون ملزمًا بإضافة تعليل جديد.
وبالرجوع إلى الحكم الابتدائي المؤيد، يتضح أنه لما أدان العارض من أجل ما ذُكر أعلاه، استند إلى ما أفضى به من اعتراف في سائر أطوار البحث والمحاكمة، أنه مع غيره أقدم على تقسيم العقار موضوع الدعوى، وباع منه نحو 15 قطعة أرضية من أجل إقامة البناء عليها، من غير أن يحصل على أي ترخيص بذلك، وإلى ما اعترف به أمام الضابطة القضائية من أن القطع المذكورة تدخل في مجال الملك الغابوي، وأنه عند إبرام العقود مع المشترين بشأنها، يخبرهم بأنها ملك له، وهو اعتراف أبرزت المحكمة أنه أوقع المتعاقدين معه في أغلاط مست مصالحهم المالية، وحقق هو لنفسه منفعة مالية.
مما تكون معه المحكمة قد أبرزت الأسباب الواقعية والقانونية التي اعتمدتها فيما انتهت إليه، وعللت قرارها تعليلًا قانونيًا سليمًا وكافيًا، وفي معرض تعليلها تكون قد رفضت ما تم الإدلاء به من دفوع، وتبريرات العارض، وتكون الوسيلتان المستدل بهما على غير أساس.

من أجله

صرحت محكمة النقض برفض الطلب.

الرئيس: السيد حسن القادري
المقرر: السيد أحمد اللهيوي
المحامي العام

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...التفاصيل

موافق