محاضرات قانون الشغل المحاضرة السابعة السداسي الثالث

عالـم القانون14 نوفمبر 2021
قانون الشغل المحاضرة السابعة

العناصر المكونة لعقد الشغل

عناصر عقد الشغل نستشفها من خلال تعريفنا لعقد الشغل ، حيث قلنا أنه العقد الذي يلتزم أحد طرفيه يسمى الأجير بأداء عمل لفائدة شخص آخر يسمى المشغل ،يزاوله تحت تبعيته ، مقابل أجر يلتزم هذا الأخير بدفعه للأول .
وعليه فعقد الشغل يقوم بالضرورة على ثلاثة عناصر و هي : أداء العمل وأداء الأجر والعلاقة التبعية .
أولا : أداء العمل
يؤدى العمل في إطار عقد الشغل ويتميز بمجموعة من الخصوصيات من بينها :
أن العمل يؤدى بصفة شخصية ، بحيث أن الأجير يضع مؤهلاته الشخصية تحت خدمة المؤاجر ،وعليه إذا قام شخص آخر بأداء العمل المطلوب فإننا لا نكون إزاء عقد شغل وإنما يكون العقد عقد مقاولة .
إذن العمل يجب أن يقوم به الأجير الذي أبرم العقد والتزم بأداء العمل بصفة شخصية ،وهو ما أكدمه المشرع في الفصل 723 من ق.ل.ع .
أن العمل يؤدى بصفة اختيارية ، بحيث يؤدي الأجير عمله بطواعية واختيار دون أن يلزمه المشغل بأداء عمل ما لم يقع الاتفاق عليه في العقد ،وعليه فالعمل الاجباري لا يدخل في إطار عقد الشغل ،ومن بينها الأعمال التي يقوم بها السجين داخل أسوار السجن .
– أن العمل يؤدى خارج نطاق الوظيفة العمومية ، لأن العلاقة التي تربط بين الموظف والإدارات العمومية هي علاقة نظامية تخضعه لقانون الوظيفة العمومية ، وبالتالي فهي ليست علاقة تعاقدية ، وهو ما نص عليه المشرع في المادة 3 من م.ش حيث نص على أنه ” تظل فئات الأجراء الاتي ذكرها ، خاضعة لأحكام الأنظمة الأساسية المطبقة عليها ، والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال ، أن تقل عما تنص عليه مدونة الشغل من ضمانات :
– اجراء المقاولات والمؤسسات العمومية التابعة للدولة والجماعات المحلية …”
– أن يؤدى العمل تحت تبعية المشغل ورقابته ، وأن ينفذ الأجير جميع التعليمات التي يتلقاها من مشغله وأن يعمل بجد وتفان لتزداد أرباح المؤسسة ،مع الحفاظ على معدات المؤسسة وأسرارها وسمعتها .

ثانيا : أداء الأجر

الأجر هو ذلك المقابل الذي يؤديه المؤاجر للأجير وذلك مقابل الخدمات التي يقدمها هذا الأخير ،و يعتبر الأجر عنصر من عناصر عقد الشغل الضرورية والذي من دونه لا يمكن الحديث عن عقد شغل ، فهو المورد الرئيسي والوحيد لعيش الأجير .
ونظرا لأهميته نظمته مختلف التشريعات ومن ضمنها المشرع المغربي ، حيث خص له القسم الخامس من م.ش ، وقبل ذلك اهتمت به الشريعة الإسلامية وهو ما نجده في قول الرسول صلى الله عليه وسلم ” أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه : صدق رسول الله .
فكيف حدد المشرع الأجر وماهي مشتملاته ؟
أ – تحديد الأجر

يحدد الأجر بحرية وباتفاق طرفي العقد مباشرة أو بمقتضى اتفاقية جماعية ، مع مراعاة الأحكام القانونية المتعلقة بالحد الأدنى للأجور ، ويحدد الحد الأدنى للأجور بمقتضى نص تنظيمي ، كما تتم مراجعة هذا الحد في إطار الزيادة العامة في الأجور تبعا لتطور مستوى الأسعار .
يكون باطلا بقوة القانون كل اتفاق ، فرديا كان أو جماعيا ، يرمي إلى تخفيض الأجر ،إلى ما دون الحد الأدنى القانوني للأجر .
إذا لم يحدد الأجر بين طرفي العقد تتولى المحكمة تحديده وفقا للعرف ، أما إذا كان هناك أجر محدد سابقا افترض في الطرفين أنهما ارتضياه .
يؤدى الأجر بالدرهم المغربية ، ويحتسب بالساعة أو اليوم أو القطعة .
يؤدى الأجر بالنسبة للعمال مرتين في الشهر ، وبالنسبة للمستخدمين يؤدى الأجر مرة في الشهر ، أما بالنسبة لغيرهم قد تصل مدة الأداء مرة كل ثلاثة أشهر على الأقل كالعمولات المستحقة للوكلاء المتجولين والممثلين والوسطاء التجاريين .
ب -مشتملات الأجر

تتمثل توابع الأجر ومشتملاته في المزايا الإضافية التي قد يحصل عليها الأجير إضافة إلى أجره الأساسي ، وهذه المزايا تكون بناءا على اعتبارات بعضها له علاقة بالشغل والآخر يرتبط بالظروف العائلية والاجتماعية

المكافأة:

هي مبلغ نقدي يؤديه المؤاجر للأجير ليعبر به عن رضاه على عمله وسلوكه في العمل وتشجيعه على العطاء أكثر
العلاوات أو المنح :
هي مبالغ نقدية إضافية يؤديها المؤاجر لاعتبارات ومميزات تعود لكفاءة الأجير وأدائه المهني ، وهي لا تدخل كعنصر في الأجر إلا إذا كانت تابته ،أو تضمنها عقد الشغل أو الاتفاقيات الجماعية ،أو النظام الداخلي
العمولة:
هو مبلغ مالي يحصل عليه الوسيط أو الممثل التجاري نتيجة جلبه للزبناء أو الطلبات ، وتحتسب العمولة ضمن الأجر ،بل وفي الغالب تكون هي الأجر الوحيد للأجير .
الإكراميات أو الحلوان :
هو مبلغ نقدي يمنحه الزبناء للأجير مقابل خدمة يقدمها لهم ، كالإكراميات التي يتلقاها الأجراء الذين يشتغلون في المؤسسات التجارية كالفنادق والمقاهي والمطاعم وغيرها ممن يتعاملون مباشرة مع الجمهور، فنادل المقاهي والمطاعم و مضيفات السينما وغيرهم …يتلقون من الزبناء مبالغ مالية يدا بيد ، كتعبير شكر عن الخدمات التي يقدمها لهم هؤلاء.
الأصل أن هذه الاكراميات ليست إلزامية للزبناء ، لكن جرت العادة على التعامل بها ، بل هناك من المطاعم والفنادق من يحتسبها ضمن فاتورة الأداء .
كما أنها قد تكون هي أجر الأجراء إذا كانت تفوق الحد الأدنى للأجور ، أما إذا لم تصل الإكراميات إلى الحد الأدنى ،فإن المشغل ملزم بأن يكمل القسط الباقي لإتمام الأجر ،ويمنع على المشغل أن يستفيد من المبالغ المتحصلة برسم الحلوان .
ثالثا : علاقة التبعية
علاقة التبعية تعتمد كأساس لتحديد ما إذا كان عمل معين يخضع لقانون الشغل أم لا ، كما يعتمد على هذا العلاقة لتمييز عقد الشغل عن العقود التي ترد على العمل كعقد المقاولة .
علاقة التبعية إذن تفيد علاقة الأجير بالمؤاجر ، وقد فسرت هذه العلاقة مجموعة من النظريات حيث ركزت كل نظرية على عنصر من العناصر المرتبطة بهذه العلاقة ، فنجد منها من يركز على أداء العمل والبعض الآخر يركز على الأجر ومنها من يركز على مخاطر العمل .
ولفهم علاقة التبعية سنركز على نظرية التبعية القانونية ثم نظرية التبعية الاقتصادية
التبعية القانونية
مفهوم التبعية القانونية
التبيعة القانونية هي سلطة لازمة لصفة المؤاجر الذي يعطي الأوامر وخضوع لازم لصفة الأجير الذي يتلقى وينفذ تلك الأوامر، أي هيمنة وسيطرة المشغل أو رب العمل على الأجير أثناء عمله ، فالمشغل هو من يراقب ويشرف على عمل الأجير ، وبالتالي فالعمل الذي يؤدى من طرف الأجير يجب أن يؤدى في إطار من التبعية والإشراف والرقابة والتوجيه وهو ما نص عليه المشرع في المادة 6 من م.ش .
وعليه لا يمكن الحديث عن التبعية إلا عندما يضع شخص -الأجير – نشاطه تحت سلطة شخص آخر – المشغل – يراقابه ويوجهه، وهو بذلك يكون تابع له ،وينفذ كل أوامره وتوجيهاته .
1- درجات التبعية القانونية
للتبعية القانونية درجتين :
التبعية القانونية الفنية : وهي التبعية التقنية ،نكون إزاءها عندما يخضع الأجير خضوعا كاملا لتوجيه وإشراف رب العمل في جوهر العمل وجزئياته ، هذا الأخير الذي يكون على دراية بأصول الشغل وخباياه جزئياته ، أما إذا كان يجهل ذلك حينذاك سيمارس المشغل فقط التبعية.
التبعية القانونية التنظيمية : وهي التبعية الإدارية ،ويكون الأجير هنا تابعا للمؤاجر الذي قدم له أدوات العمل وحدد له النظام الذي يجب أن يتبعه أثناء العمل كساعة الدخول والخروج من العمل ، وقت الأكل ، أيام العطل …
المشرع المغربي قد أخذ بالتبعية القانونية والتنظيمية ، يكفي أن يكون الأجير تابع للمؤاجر ، وهو ما نجد النص عليه في المادة 21 من م.ش التي نصت على أنه ” يمتثل الأجير لأوامر المشغل ، في نطاق المقتضيات القانونية والتنظيمية ، أو عقد شغل …”.
ب – التبعية الاقتصادية
التبعية الاقتصادية تعني اعتماد العامل كلية على الأجر، فالأجر بالنسبة للعامل يمثل القوة الشرائية، وبالنسبة للمشغل فهو يمثل تكلفة إنتاجية .
برجوعنا إلى مدونة الشغل نجد بأن المشرع اعتمد على معيار التبعية القانونية كأصل ، أي أن كل شخص أدى العمل بتبعية تحت إشراف ورقابة وتوجيه من يؤدى العمل لمصلحته يعد عاملا وأن العقد يعد عقد شغل بعد أن يستجمع العقد باقي عناصره ،واستثناءا نجد المشرع قد أخذ بالتبعية الاقتصادية ، بهدف التوسع في توفير الحماية الاجتماعية لبعض الفئات كالصحفيين وعمال المنازل …

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق