مصادر القاعدة القانونية في النظام القانوني المغربي
مصادر القاعدة القانونية في النظام القانوني المغربي يمكن حصرها في المصادر العصرية أو الحديثة للقاعدة القانونية، ونقصد بها المصدر الداخلي ( التشريع ) ،والمصدر الدولي الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.بالإضافة إلى المصادر التكميلية للقاعدة القانونية ونقصد بها الفقه والقضاء.
والمصادر التقليدية للقاعدة القانونية ونقصد بها مبادئ الدين والعدالة والقانون الطبيعي والعرف.
المبحث الأول : المصادر العصرية للقاعدة القانونية.
سنخصص هذا المبحث لدراسة المصادر الحديثة أو العصرية للقاعدة القانونية ، والمتمثلة أساسا في المصدر الداخلي الذي نعني به التشريع، والمصدر الدولي ونعني به الاتفاقيات والمعاهدات الدولية،بالإضافة إلى المصادر التكميلية للقاعدة القانونية.
الفرع الأول: المصدر الداخلي ( التشريع ).
يعتبر التشريع أهم المصادر الرسمية للقانون في الدول الحديثة ،إذ أن أغلب القواعد القانونية مصدرها التشريع ,ويقصد بالتشريع كمصدر رسمي للقانون سن القواعد القانونية وإخراجها مكتوبة ،محددة بألفاظ معينة بواسطة سلطة مختصة بذلك وهي غالبا السلطة التشريعية ( البرلمان) ،غير أن هناك سلطات أخرى تختص بإصدار التشريع ، فالدستور وهو التشريع الأساسي يصدر عن السلطة التأسيسية وهي أعلى من السلطة التشريعية ،واللوائح والقرارات تصدر عن السلطة التنفيذية ،وهي سلطة غير مختصة أصلا بإصدار التشريع .
ويرجع السبب في ازدياد أهمية التشريع تشعب أنشطة الدولة في العصر الحديث وتوطد سلطانها ،كما أصبح لها من سلطة القهر ما يجعلها قادرة على فرض احترام القواعد التشريعية التي تضعها. كما أن انتشار الديمقراطية أدى إلى الأخذ بمبدأ الفصل بين السلط ، مما جعل السلطة التشريعية تنشط بالقيام بوظيفتها.
الفقرة الأولى: خصائص التشريع
للتشريع ثلاث خصائص حددها الفقه على الشكل التالي :
1-وضع القاعدة القانونية : ويقصد بذلك أن التشريع يضع قاعدة تتوفر فيها خصائص القاعدة القانونية، وبالتالي لا تعتبر قاعدة تشريعية إلا تلك التي تكون قاعدة سلوك مجردة عامة وملزمة ، فلا تعتبر بذلك قواعد تشريعية بالمعنى الصحيح القرارات التي تصدر عن السلطة التشريعية المختصة في الدولة والخاصة بشخص معين بذاته أو بواقعة معينة .
2- صدور التشريع في شكل مكتوب : يصدر التشريع في صورة نصوص مكتوبة ضمن وثيقة رسمية ، و لذلك يقال له القانون المكتوب، فيعتبر مصدرا للفظ و المعنى معا، ويتوفر له بذلك من التحديد و الوضوح ما يحقق الاستقرار و الأمن في المعاملات، وهو ما يميزه عن العرف الذي يقال له القانون غير المكتوب، فيكون مصدرا للمعنى دون اللفظ مما يحيطه بشيء من الغموض و الإبهام .
3- صدور التشريع عن سلطة عامة مختصة في الدولة : لا تتكون القاعدة التشريعية بطريقة تلقائية داخل الجماعة ،بل لابد من تدخل إرادة واعية تتولى وضعها والإلزام بها ، وتتمثل هذه الإرادة في السلطة التشريعية ، والتي يمنحها الدستور بوصفها سلطة عامة ذات سيادة الاختصاص بوضع التشريعات التي تنظم المجتمع، معبرة بذلك عن إرادة الشعب .
الفقرة الثانية: مزايا التشريع وعيوبه
ومن أهم المزايا :
1- الوضوح : يأتي التشريع في نصوص مكتوبة تضعها سلطة مختصة ، فيكون بذلك مصدرا للقاعدة القانونية في لفظها و معناها، و بفضل هذا تأتي القاعدة في صياغة محكمة، الثقة في المعاملات، حيث يظهر فيها دور الإرادة الواعية للدولة متجنبة بذلك أسباب اللبس والغموض أثناء تطبيق القانون ، و يتوفر لها من التحديد و الضبط ما يكفل الاستقرار الذي تقرره والتوفيق بين المصالح المختلفة ، كما أن الكتابة تسمح بتحديد نطاق سريان القانون من حيث الزمان ، وكذلك تاريخ إلغائه ، وبذلك يسهل على الأشخاص التأكد من وجود القاعدة القانونية أو عدم وجودها وبالتالي معرفة حقوقهم و واجباتهم .
2-سرعة وسهولة سنه و تعديله : القانون يصدر في صورة مكتوبة عن سلطة مختصة وذلك يتم بسرعة و بسهولة، بحيث يستطيع المشرع أن يبادر إلى مواجهة الأوضاع الجديدة في المجتمع بتنظيمات مستحدثة،فإذا حدث من الوقائع أو الأوضاع الاجتماعية المتطورة ما يستدعي التدخل السريع للقانون فإن المشرع يتدخل حالا لوضع الحل المناسب بملاحقة هذا التطور عن طريق إفراغ إرادته في نصوص مكتوبة ،أي وضع القواعد التشريعية المناسبة، مثل ما حدث بمناسبة أحداث 16 ماي 2003 بالدار البيضاء فأصدر المشرع قانون الإرهاب .
3ـ التشريع أداة لتوحيد النظام في الدولة : فالتشريع يصدر عن سلطة مختصة ، ويسري على كل إقليم الدولة ،كما يطبق على جميع المخاطبين بأحكامه ويترتب على هذا العموم ، توحيد النظام في الدولة وبالتالي تحقيق الوحدة القومية والتضامن بين أجزاء الأمة الواحدة.
4 ـ التشريع أداة لحماية المجتمع وتطويره:سبق القول أن الغاية من القانون تكمن في توفير الأمن والطمأنينة داخل المجتمع ، والتوفيق بين المصالح المتعارضة للأفراد داخل هذا المجتمع ، فبفضل التشريع إذن يعيش الفرد في أمان متمتعا بكافة حقوقه وحرياته ، وأنه كلما أحس الفرد بالأمان في المجتمع الذي يعيش بداخله وكلما تمتع بكافة حقوقه ،فإنه لا محالة أنه سيساهم في تطوير المجتمع وتقدمه .
عيوب التشريع
1- الجمود : سبق القول أن قواعد القانون مكتوبة مما يضفي عليها طابع الوضوح وتحدد مدلولها ، غير أن كتابة هذه القواعد تؤدي إلى جمود القاعدة مما يجعلها عاجزة عن مسايرة التطور والوفاء بما يجد من حاجات، فإذا ما تغيرت هذه الظروف أصبحت تلك القواعد غير ملائمة لها إن لم يتدخل المشرع بالسرعة الكافية لمواجهة الظروف الجديدة المتغيرة ، وبالتالي تغييره أو تعديله ، وكمثال على ذلك الجمود ما نص عليه المشرع المغربي في المادة 6 من القانون التجاري لسنة 1913 حين أخضع مزاولة التجارة من طرف المرأة لرخصة الزوج رغم أن للمرأة المسلمة حرية التصرف بأموالها من غير قيد أو شرط قد يفرضه الزوج ، والجدير بالإشارة أن المشرع المغربي لم يتدخل لرفع الحيف عن المرأة المغربية وإطلاق يدها في تسيير شؤونها التجارية إلا مؤخرا عندما نشر القانون التجاري الجديد بالجريدة الرسمية .
2- عدم مطابقة القاعدة التشريعية لإرادة المجتمع : يأتي التشريع في صورة غير ملائمة لظروف وحاجيات المجتمع وهذا ما جعل أصحاب النظرية التاريخية التي يعد سـاﭬيني أهم روادها، والتي ترى أن القواعد القانونية يجب أن تنشأ و تتطور بفعل المجتمع المباشر وتبعا لتطوره ذاته كما هو شأن اللغة و التقاليد ،وتعتبر في الوقت نفسه أن خير مصدر لهذه القواعد هو العرف ، لأنه يتبع المجتمع في تطوره و يخضع له، أما التشريع فهو يقر قواعد ثابتة معينة، يحد من التطور الطبيعي للقانون و يعيق تقدمه.
المطلب الثاني : أنواع التشريع وتدرجه
التشريعات ليست كلها من نوع واحد فهي تظهر على شكل صورة متعددة يمكن أن نصورها ببنيان هرمي يوجد التشريع الأساسي و هو الدستور في قمته،و يليه في المرتبة الثانية التشريع العادي وهو القانون بمعناه الضيق، ثم في الأخير التشريع الفرعي الصادر عن السلطة التنظيمية .
الفقرة الأولى : التشريع الأساسي ( الدستور )
يحظى الدستور بمكانة مرموقة في النظام القانوني ،وهو كلمة فارسية معناها الأساس أو القاعدة ,فهو أساس كل السلطات , وهو التشريع الأساسي الذي يبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها وتوزيع السلط وعلاقاتها وحقوق الأفراد وحرياتهم وواجباتهم قبل الدولة ، والمقومات الأساسية للمجتمع ، وتمثل نصوصه القواعد التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة ، لها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها باعتبارها أسمى القواعد الآمرة وإهدار ما يخالفها من تشريعات ، وهذه القواعد هي المرجع في تحديد ما تتولاه السلطات العامة من وظائف أصلية وما تباشره من أعمال أخرى استثناء من الأصل العام ، الذي يقضي بانحصار نشاطها في المجال الذي يتفق مع طبيعة وظيفتها .
ثانيا : أنواع الدساتير
ميز الفقه بين الدساتير بحسب طريقة تعديلها إلى دساتير مرنة وأخرى جامدة .
فالدستور المرن هو الذي يتم تعديله بذات الطريقة التي يتم بها إصدار التشريع العادي وهو ما يجعل أحكامه سهلة التعديل بما يلائم مقتضيات تطور المجتمع .
أما الدستور الجامد فهو الذي لا يتم تعديله بهذه الطريقة بل بإجراءات خاصة ينص عليها عادة في الدستور وهي مختلفة عن إجراءات إصدار التشريع العادي ،الشيء الذي يضفي على الدستور صفة الثبات ويبعده عن التعديل .
و ينتمي الدستور المغربي لفئة الدساتير الجامدة ،فلا يمكن تعديل أي مبدأ فيه إلا إذا استشير الشعب بجميع فئاته ، ومع ذلك يجب الاعتراف أن لهذه الطريقة مزية تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي .
ثالثا : طرق وضع الدستور
تختلف طرق وضع الدستور من دولة إلى أخرى بحسب النظام السياسي المعمول به ،ويتم وضعه إما بطريق المنحة من الحاكم المطلق ويعبر بذلك عن الانتقال من الحكم المطلق إلى الحكم المقيد ، وإما بطريق العقد بين الحاكم المطلق وبين ممثلي الشعب ،وإما أن يصدر عن طريق هيئة تأسيسية منتخبة من الشعب خصيصا لهذا الغرض ، وإما أن يسنه الشعب مباشرة عن طريق الاستفتاء ،بأن تضع السلطة التنفيذية مشروع الدستور ثم تعرضه على الشعب للموافقة عليه ، وهذين الطريقين الأخيرين أكثر استجابة للمبدأ الديمقراطي ،لذا يمكن الجمع بينهما بأن تتولى جمعية تأسيسية منتخبة وضع مشروع الدستور ثم يطرح بعد ذلك للاستفتاء .
الفقرة الثانية : التشريع العادي – أو القانون في معناه الضيق.
التشريع العادي هو مجموعة من القواعد المكتوبة تضعها السلطة التشريعية المختصة بالطريقة التي ينص عليها الدستور كالقانون التجاري والقانون المدني والقانون التجاري …الخ. ويطلق عليه اسم القانون بمفهومه الضيق ويراد بها القاعدة التشريعية التي تضعها السلطة التشريعية ، وهو يختلف عن اصطلاح القانون بمعناه العام باعتباره مجموعة القواعد المنظمة لعلاقات الأفراد في المجتمع .
ثانيا : نطاق سن التشريع العادي
إن نطاق التشريع العادي (القانون) في المغرب لا يتناول جميع مظاهر الحياة في المجتمع المغربي فهو مقيد حسب الدستور، وبالتالي لا يمكن للقانون أن يتدخل إلا في المسائل التي حددها الدستور ،أما المسائل الأخرى فيختص بها التشريع الفرعي الذي تتولى السلطة التنفيذية سنه باعتبارها سلطة تشريعية فرعية .
الفقرة الثالثة: التشريع الفرعي أو التنظيمي.
التشريع الفرعي هو التشريع الذي تسنه السلطة التنفيذية بمقتضى الاختصاص المخول لها في هذا الشأن بالدستور، والممنوح لها بهدف تنفيذ القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية، أو تنظيم المرافق العامة أو المحافظة على الصحة العامة…
يطلق على التشريع الفرعي اسم المرسوم التشريعي، وهو أدنى في الدرجة من القانون الأساسي والتشريع العادي لذلك يتوجب عليه احترام الاثنين معا وإلا اعتبر غير دستوري.
والسلطة التنفيذية عندما تسن التشريع الفرعي تسمى بالسلطة التشريعية الفرعية بمعنى أنها تقوم بمهمة التشريع كسلطة تشريعية بدلا من صدوره عن مجلس النواب كسلطة تشريعية .
ثانيا: أنواع التشريعات الفرعية
أولا: اللوائح التنفيذية: وهي ما تسنه السلطة التنفيذية من أجل تسهيل تنفيذ القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية؛ فهي تقوم بوضع الأمور التفصيلية والجزئية الخاصة بتنفيذ القوانين العادية.
ثانيا: اللوائح التنظيمية: وهي ما تسنه السلطة التنفيذية من تشريعات فرعية من أجل تنظيم وترتيب المصالح والهيئات والمرافق العامة وتنسيق سير عملها، كإنشاء الوزارات والمؤسسات وتحديد اختصاصاتها أو إلغائها. وهذه اللوائح لا تستند إلى قانون قائم على عكس اللوائح التنفيذية.
ثالثا: لوائح الضبط أو البوليس: وهي اللوائح التي تضعها الحكومة من أجل المحافظة على الأمن وتوفير السكينة وحماية الصحة العامة، فهي تورد قيودا تشريعية على الحريات الفردية يتطلبها الصالح العام مثل لوائح المرور، لوائح تنظيم المحلات الخطرة أو الضارة بالصحة العامة، اللوائح الخاصة بمراقبة الأدوية والباعة المتجولين ومنع انتشار الأوبئة..الخ.
المطلب الثالث : تدرج التشريع والرقابة على صحته.
يترتب عن تدرج التشريع نتيجة هامة هي تقيد التشريع الأدنى بالتشريع الأعلى ، وهكذا لا يجوز للتشريع الفرعي أن يخالف التشريع العادي ولا التشريع الأساسي ، كما أنه لا يجوز للتشريع العادي أن يخالف الدستور،وهذا ما يطلق عليه مبدأ سمو الدستور ذلك أن قواعده تعد أسمى القواعد في النظام القانوني .
ويترتب عن مخالفة التشريع الأدنى للتشريع الأعلى بطلان وعدم صحة هذا التشريع المخالف ،بمعنى عدم صحة القانون المخالف للدستور ، وعدم صحة القانون التنظيمي الذي يخالف القانون أو الدستور .
غير أنه إذا وقع تعارض بين عدة قواعد تشريعية متفاوتة في القوة وجب على القاضي تطبيق القاعدة الأعلى في المرتبة .
ضمانا لمراعاة مبدأ التدرج اقتضى المنطق ضرورة وضع نوع من الرقابة على صحته تشمل شكل التشريع ومضمونه على السواء .
فمن الناحية الشكلية تتحقق المخالفة إذا لم تراع الأصول اللازمة لسن التشريع أو نفاذه ، كأن يصدر التشريع من سلطة غير مختصة أو أن يسن القانون دون مراعاة للإجراءات التي رسمها الدستور ، أو أن ينفذ التشريع قبل أن يتم نشره في الجريدة الرسمية أو قبل فوات المدة المحددة لبدء سريان العمل به ،وعليه إذا لم يكن التشريع صحيحا فقد كل أو بعض صفته القانونية .
أما من الناحية الموضوعية فتتحقق المخالفة إذا خالف أو عدل التشريع الأدنى التشريعات التي هي أعلى منه درجة ، كأن يصدر التشريع التنفيذي لقانون ضريبي مثلا متضمنا فرض ضريبة لم ينص عليها القانون ذاته الذي صدر تنفيذا له أو يصدر قانون ينتهك حرمة السكن ويخل بحريات الأفراد التي كفلها الدستور
أولا : الرقابة على دستورية القوانين.
تعني دستورية القوانين موافقة التشريع العادي لأحكام الدستور ،ولا تثور مشكلة دستورية القوانين إلا في البلدان ذات الدساتير الجامدة والتي لا يجوز تعديلها عن طريق القانون ، كما هو الحال في القانون المغربي والمصري واللبناني ، أما حيث يكون التشريع مرنا فإن صدور تشريع مخالف له يعد أمرا مشروعا ، لأن هذا التشريع يعني تعديل الدستور .
ثانيا : الرقابة على دستورية القوانين في المغرب.
جاء دستور 2011 فقد بتعديلات مهمة بخصوص الرقابة على دستورية القوانين حيث أسندت هذه المهمة للمحكمة الدستورية التي تم إحداثها بمقتضى الدستور الجديد بدلا عن المجلس الدستور الذي كان معمولا به في ظل دستور 1996 وأصبحت هذه الأخيرة هي المختصة بالبت في دستورية القوانين.
وعلى هذا الأساس يمكن للحكومة أن تدفع بعدم قبول كل مقترح أو تعديل لا يدخل في مجال القانون.كل خلاف في هذا الشأن تبت فيه المحكمة الدستورية، في أجل ثمانية أيام، بطلب من أحد رئيسي المجلسين، أو من رئيس الحكومة. ( الفصل79 من الدستور )
ثالثا : الرقابة على قانونية التشريع الفرعي.
يقتضي مبدأ تدرج التشريع مطابقة التشريع الفرعي للتشريع العادي وللدستور، وقد عرف المغرب مراقبة المحاكم لمطابقة النصوص التنظيمية للقانون بواسطة طريقتين :
الدفع بعدم المشروعية : طبقت هذه الطريقة في فترة الحماية وكانت الوسيلة الوحيدة لممارسة رقابة قضائية على النصوص التنظيمية ،وهو وسيلة دفاع مسطرية يمكن استعمالها أمام أية محكمة عادية ، وهذا ما يفسر العمل بهذا الدفع في القضايا الإدارية والمدنية والجنائية والتجارية .
والهدف من وراء هذا الدفع عدم تطبيق القرار التنظيمي المطعون في مشروعيته على الشخص الذي أثار الدفع وليس إلغائه
الطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة : طبقت هذه الطريقة لأول مرة بعد مجيء الاستقلال وقد نظمه الفصلان 1 و14 من ظهير 27 شتنبر 1957 ، ثم أدمجت هذه المقتضيات في الفصل 353 من قانون المسطرة المدنية لسنة 1974 ، ثم قانون 41.90 ،المحدث بموجبه المحاكم الإدارية الذي ميز بين نوعين من الطعون :
الطعن بالإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة الموجهة ضد قرارات السلطة الإدارية إلى المحاكم الإدارية .
والطعن بالإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة الموجهة ضد المقتضيات التنظيمية أو الفردية للوزير الأول وترفع أمام المجلس الأعلى
المطلب الرابع : التقنين.
التقنين هو تشريع عام يتضمن جميع النصوص القانونية التي تنظم فرعا بأكمله من فروع القانون كالتقنين المدني والتقنين التجاري …الخ.
وتجميع القواعد التشريعية في كتاب واحد ييسر على الباحث الوقوف على حكم القانون في المسائل التي يتضمنها ، فمن اليسير مثلا أن يقف الباحث على قاعدة من قواعد القانون المدني أو التجاري إذا ما رجع إلى المجموعات الخاصة بها ، وإلى تقسيماته الواضحة والحلول التي أتت بها بالنسبة لكل ما تعرض له من مشاكل ،بخلاف ما إذا أراد أن يقف على القانون الإداري الموزعة على تشريعاته المتناثرة حيث يواجه صعوبة في البحث ،كما أن تجميع القواعد يقلل من احتمال التعارض أو التناقض بينها ،ويقصد به أيضا عملية تجميع القواعد القانونية المنظمة لأحد فروع القانون
التقنين نوعان :تقنين رسمي ، وتقنين غير رسمي .
التقنين الرسمي : هو التقنين الذي يصدر عن الدولة في شكل قانون توافق عليه السلطة التشريعية ، ويصبح واجب التطبيق باعتباره تشريعا ولو كان مصدره العرف أو الفقه أو القضاء، إذ بتقنينه يستمد قوته الإلزامية من أنه تشريع .
التقنين غير الرسمي : وهو ذلك التقنين الذي يقوم به بعض الفقهاء دون أن تضفي عليه الدولة صفتها الإلزامية ،ولا يعتبر مصدرا رسميا للقانون ، وإذا كان للتجمعات الفقهية صبغة أنها عرف أو قضاء أو فقه أو دين ، فإنها لا تكتسب صفة التشريع ، وإنما تضل كما كانت وكثيرا ما تكون لها قيمتها من حيث إمكانية تبني المشرع لها .
التقنين هو صورة من صور التشريع وبالتالي فهو يتمتع بكافة المزايا التي يتمتع بها التشريع والتي سبق ذكرها ، وتضاف إليها مزايا أخرى عديدة ينفرد بها :
1- تيسير البحث عن القاعدة القانونية المطلوب تطبيقها ،بالنسبة للقاضي والمحامي والفقيه والباحث وغيرهم ،ذلك أن التقنين يجمع القواعد القانونية الخاصة بفرع معين من فروع القانون في كتاب واحد بشكل مرتب ومنسق .
2- يحقق التقنين التناسق بين مختلف القواعد القانونية ،ويمنع احتمال قيام التعارض بينها .
3- يعمل التقنين على توحيد القانون داخل الدولة خاصة تلك التي تحكمها قواعد عرفية مختلفة ،أو التي تحكمها تشريعات مختلفة نتيجة لاختلاف السلطات الإقليمية.
المحاضرة السابعة(المدخل لدراسة القانون)السداسي الأول.
المصدر
الدكتور مرزوق أيت الحاج