القرار عدد 144 الصادر بتاريخ 15 فبراير 2018 في الملف الإداري عدد 2016/1/4/3120
مخالفة تأديبية – أركانها- حكم جنحي بالبراءة – حجيته .
إذا كانت المسؤولية التأديبية تقترب من المسؤولية الجنائية في بعض الجوانب، وتختلف في بعضها، وأن الإفلات من العقاب الجنائي لا يؤدي حتما إلى الإفلات من العقوبة التأديبية، كما أن أثر الحكم الجنائي لا يحول دون مساءلة الموظف أو العامل تأديبيا، فإن كلا من الفقه والقضاء التأدیی قد استقرا على استقلال مبدأ المسؤولية الجنائية عن التأديبية، وأن تحريك أي من المسؤوليتين لا يمنع في الأصل تحريك المسؤولية الأخرى، غير أن المخالفة التأديبية لا تقوم إلا إذا توافرت أركانها، والمحكمة لما تبين لها أن الإدارة استندت في متابعتها التأديبية للمطلوب في النقض إلى نفس الأسباب التي سبق للقضاء الزجري آن برأه منها، واعتبرت قرارها مشوبا بالتجاوز في استعمال السلطة، فضلا أنه لم يستین من واقع الملف أن الموظف قام بعمل يخرج عن مقتضی الواجب في أعمال وظيفته، أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بما يبرر جزاءه تأديبيا، تكون قد بنت قضاءها على أساس، وعللت قرارها تعليلا كافيا.
رفض الطلب
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
حيث يستفاد من وثائق الملف، وتحتوى القرار المطعون فيه بالنقض – المشار إلى مراجعه أعلاه -، أنه بتاريخ 2014/12/04 تقدم المدعي (المطلوب) .مقال أمام المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، عرض فيه أنه مدرس بالتعليم الابتدائي بمدرسة (…) بعين السبع الحي المحمدي، وبتاريخ 2014/10/10 بلغ عن طريق مدير المؤسسة بقرار إداري صادر عن وزارة التربية الوطنية قضى بعقوبة الإقصاء المؤقت في حقه مع الحرمان من كل الأجرة لمدة شهر واحد لعلة متابعته قضائيا في ملف تزوير امتحانات الباكلوريا و انعکاس هذه المؤاخذة على امتحانات الباكالوريا، موضحا أن هذا القرار غير مشروع ولا يستند إلى أساس باعتبار أن السبب الذي بين المجلس التأديبي عقوبته المتمثلة في متابعته جنحيا قد سبق أن انتهت بصدور قرار استئنافي مؤرخ في 2012/04/10 قضى ببراءته من التهم المنسوبة إليه، وعليه فإن استناد المجلس التأديبي على نفس السبب الذي سبق أن تمت مناقشته و تبرئته منه من طرف القضاء يجعل القرار المطعون فيه متسما بالتعسف ومخالفته للقانون، ملتمسا الحكم بإلغائه مع ما يترتب عن ذلك قانونا، وبعد جواب الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة
الدار البيضاء الكبرى و تمام الإجراءات، صدر الحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر عن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني موضوع الإرسالية عدد 03/1228 المؤرخة في 2014/10/09، والقاضی الاقصاء المؤقت للطاعن عن الحرمان من كل الأجر لمدة شهر واحد مع ما يترتب عن ذلك قانونا،
إستأنفه الوكيل القضائي للمملكة بصفته هذه ونائبا عن باقي الطالبين، فقضت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بتأييده، وهو القرار المطعون فيه بالنقض.
في وسيلة النقض الفريدة:
حيث ينعى الطرف الطالب على القرار المطعون فيه بالنقض عدم ارتكازه على أساس، ذلك أنه إذا كان القضاء الزجري قد برأ المعني بالأمر مما توبع من أجله أمامه، فإن ذلك لا يسمح بالقول بعدم أحقية الإدارة في متابعته تأديبيا، لأن الحكم الجنائي لا يمنع الإدارة من البحث فيما إذا كان الفعل المنسوب إلى المدعي ولو مع تجريده من صفة الجريمة قد احتوى على إخلالات مهنية و خروج عن مقتضيات الوظيفة يستحق أن يدان الموظف تأديبيا عنها، وأن المطلوب في النقض قد ارتكب مخالفة تأديبية على قدر من الفداحة و الجسامة التي مست بسمعة المرفق الذي ينتمي إليه وتتنافى مع وضعيته كرجل تربية وتعليم، وأن هذا التصرف يشكل ذنبا مهنيا وإداريا موجبا للمتابعة التأديبية، وأن عرضه على المجلس التأديي الذي اقترح بجميع أعضائه العقوبة المطعون فيها راجع لكون عدم كفاية الأدلة لا يعني أن الأفعال التي أدت إلى المتابعة لا يمكن أن يشكل تكييفها خطأ إداريا مستقلا عن التكييف الذي أعطى لها في المادة الجنائية، على اعتبار أن الأساس القانوني للدعوى العمومية يختلف عن أساس الدعوى المقدمة إلى جهة قضائية إدارية، وأن تبرئته من طرف القضاء الزجري من تهمة تزوير امتحانات الباكلوريا لا يحول دون إمكانية مساءلته على ما تضمنه فعله هذا من خروقات وأخطاء مهنية، مما يناسب نقض القرار.
لكن، حيث إنه إذا كانت المسؤولية التأديبية تقترب من المسؤولية الجنائية في بعض الجوانب وتختلف في بعضها، وأن الإفلات من العقاب الجنائي لا يؤدي حتما إلى الإفلات من العقوبة التأديبية، كما أن أثر الحكم الجنائي لا يحول دون مساءلة الموظف أو العامل تأديبيا، فإن كلا من الفقه والقضاء التأديي قد استقرا على استقلال مبدأ المسؤولية الجنائية عن التأديبية، وأن تحريك أي من المسؤوليتين لا يمنع في الأصل تحريك المسؤولية الأخرى، غير أن المخالفة التأديبية لا تقوم إلا إذا توافرت أركانها، ومحكمة الاستئناف لما تبين لها أن الإدارة استندت في متابعتها التأديبية للمطلوب في النقض إلى نفس الأسباب التي سبق للقضاء الزجري أن برأه منها، واعتبرت قرارها مشو با بالتجاوز في استعمال السلطة، فضلا عن أنه لم يستبان من واقع الملف أن الموظف قام بعمل يخرج على مقتضی الواجب في أعمال وظيفته أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بما يبرر جزاءه تأدیبیا، تكون قد بنت قضاءها على أساس وعللت قرارها تعليلا كافيا، وما بالوسيلة على غير أساس.
لهذه الأسباب قضت محكمة النقض برفض الطلب.
و به صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية محكمة النقض بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة الإدارية (القسم الأول السيد عبد المجيد بابا أعلي والمستشارين السادة: نادية للوسي مقررة، احمد دینية، عبد العتاق فكير، المصطفى الدجاني ومحضر الحامي العام السيد سابق الشرقاوي، وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة حفصة ساجد