المدخل لدراسة القانون(المحاضرة الرابعة) السداسي الأول

الدكتور مرزوق أيت الحاج

عالـم القانون30 نوفمبر 2021
المدخل لدراسة القانون(المحاضرة الرابعة) السداسي الأول

                                               فروع القانون العام والقانون الخاص
تنقسم فروع القانون إلى فروع القانون العام ( المطلب الأول ) ، وفروع القانون الخاص ( المطلب الثاني ).
المطلب الأول : فروع القانون العام
القانون العام وهو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات التي تكون الدولة طرفا فيها باعتبارها صاحبة سيادة وسلطان ، سواء أكانت هذه العلاقات بين الدولة وبين غيرها من الدول أو بين الدولة وبين الأشخاص العاديين، وقد قسم بعض الفقه القانون العام إلى قسمين هما : القانون العام الداخلي ، ويقصد به القانون الوطني ، والقانون العام الخارجي ، ويقصد به القانون الدولي العام .
الفرع الأول : القانون العام الخارجي(القانون الدولي العام)
القانون الدولي العام هو مجموعة القواعد التي تنظم علاقات الدولة بغيرها من الدول في وقت السلم أو وقت الحرب، كما تنظم العلاقة بين الدول والمنظمات الدولية وعلاقات هذه الأخيرة بعضها ببعض،من هنا يمكن القول إن القانون الدولي يتضمن القواعد التي تنظم الحياة الدولية في المجتمع الدولي ويحكم العلاقات الدائرة فيه، بيد أن هذه العلاقات متطورة ومتشعبة في الوقت ذاته بتطور المجتمع الدولي الذي يطبق فيه القانون من أجل ذلك قيل إن القانون الدولي قانون متحرك وليس قانونا ثابتا جامدا ، وهو بهذه الخاصية لا يختلف عن القانون الوطني
وللقانون الدولي العام مصادر حددها ميثاق المحكمة الدولية ،وقسمها الفقه الدولي إلى مصادر أصلية يرجع إليها لتحديد القاعدة القانونية ومضمونها ، ومصادر ثانوية يستعان بها للدلالة على وجود القاعدة ومدى تطبيقها
ويرى غالبية الفقه أن قواعد القانون الدولي العام هي قواعد قانونية بكل ما للكلمة من معنى بالرغم من أنها لم تصدر عن سلطة عليا فهي قواعد جرى العرف الدولي على إتباعها ، كما أن هناك هيئة تسهر على احترام قواعدها وهي هيئة الأمم المتحدة وما يتفرع عنها من هيئات كالجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ، بالإضافة إلى البوليس الدولي الذي يسهر على تنفيذ قرارات مجلس الأمن وأحكامه على الدول التي تخرج على قواعد القانون الدولي العام ، أما الجزاء فتدرج من حيث الشدة فيشمل المقاطعة السياسية والاقتصادية وقد يصل إلى حد التدخل العسكري.
الفرع الثاني : القانون العام الداخلي
يقصد بالقانون العام الداخلي مجموعة القواعد القانونية التي تحكم العلاقات المتصلة بحق السيادة في الجماعة داخل الدولة لا خارجها ويندرج تحت هذا القانون فروع مختلفة تبعا لاختلاف الموضوعات التي يعرض لها
أولا : القانون الدستوري.
وهو القانون الأساسي للدولة و يتكون من مجموعة القواعد القانونية الأساسية ( الدستور) التي تحدد شكل الدولة ما إذا كانت بسيطة أو مركبة ، كما تحدد نظام الحكم في الدولة ما إذا كان جمهوري أو ملكي ،وتبين السلطات العامة المختلفة بها والمتمثلة في السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية ، كما تحدد حقوق الأفراد قبل الدولة ،والمساواة بين الأفراد في الحقوق والواجبات
قواعد القانون الدستوري تعالج ما يلي :
شكل الدولة إذا ما كانت بسيطة كدولة المغرب وغيرها، أو مركبة كالولايات المتحدة الأمريكية .
نظام الحكم إذا ما كان نظاما ملكيا أو جمهوريا .
السلطات العامة في الدولة والمتمثلة في السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، وذلك من حيث تكوينها واختصاصاتها، وعلاقاتها بعضها البعض.
بيان حقوق الأفراد تجاه الدولة أو ما يسمى بالحريات العامة كحرية التملك وحرية الرأي وحرية العقيدة، وحرية التنقل، والحرية الشخصية ، وحرية العمل السياسي، ومساواتهم أمام القانون وأمام القضاء
ثانيا : القانون الإداري.
وهو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الإدارية ،وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الإداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) ،وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيئات الإقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية)، كما أنه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الأفراد وجهة القضاء التي تختص بها.
ثالثا : القانون المالي.
وهو مجموعة القواعد التي تنظم مالية الدولة والهيئات العامة ،فتبين مواردها المستخلصة من الضرائب والرسوم والقروض ،وتبين كيفية إنفاقها على المرافق والمصالح العامة كالدفاع والأمن والتعليم والصحة والقضاء وغيرها …
كما يبين قانون المالية كيفية إعداد موازنتها السنوية وتنفيذها والرقابة على هذا التنفيذ،ولقد كان هذا القانون يدخل في نطاق القانون الإداري باعتباره فرعا من فروعه ينظم النشاط المالي للإدارة باعتبارها سلطة عامة ، غير أن هذا الفرع استقل عن القانون الإداري ، وأصبح له ذاتيته الخاصة بعد تعدد موضوعاته وتشعبها مما اقتضى استقلاله عن القانون الإداري واعتباره فرعا قائما بذاته من فروع القانون العام
المطلب الثاني : فروع القانون الخاص
القانون الخاص هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات بين الأفراد أو بينهم وبين الدولة إذا دخلت هذه الأخيرة في العلاقة باعتبارها شخصاً قانونيا عاديا وليس باعتبارها صاحبة سيادة وسلطان .
وينقسم القانون الخاص إلى الفروع الآتيــة :
أولا : القانون المدني.
القانون المدني هو أبرز فروع القانون الخاص ،وترجع تسميته إلى القانون الروماني الذي كان يقابل بين قانون المدينة الذي يحكم مواطني مدينة روما ، وبين قانون الشعوب الذي يحكم علاقات الرومان بالأجانب في الإمبراطورية الرومانية ،وقد كان يشمل القواعد التي تحكم جميع العلاقات الخاصة بين الأفراد ،ومع الزمن انسلخت العديد من القواعد القانونية عن القانون المدني لتكون فروعا مستقلة من فروع القانون الخاص مثل القانون التجاري والبحري والجوي وقانون الشغل …الخ
ولما كان القانون المدني ينطبق على الحياة الفردية للشخص بصرف النظر عن مهنته كما ينظمه باعتباره عضوا في الأسرة فقد جرت العادة على تقسيم القانون المدني إلى قسمين :
1ـ قانون الالتزامات والعقود :
وإذا كان قانون الالتزامات والعقود هو الأصل العام للقانون المدني ونصا أساسيا في المنظومة التشريعية الوطنية, فإن هذا لا يعني أن القانون لم يتأثر بفعل التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدها المغرب دون أن ينقص ذلك من مكانة أو قيمة قانون الالتزامات والعقود التي ظل يتمتع بها منذ صدوره .
2ـ قانون الأسرة:
يقصد بقانون الأسرة تلك القواعد القانونية التي تنظم علاقات أفراد الأسرة بوصفهم أعضاء فيها ، تربطهم علاقة النسب والمصاهرة فهو بصفة عامة قانون الأسرة التي ينظم أحوال أفرادها ،في المسائل التالية :
عقد الزواج : ببيان عناصره وشروطه ،ومن يحق له إبرامه ، وحكم تخلف بعض العناصر أو الشروط ، وآثار العقد وما يترتب عليه ن حقوق وواجبات متبادلة بين الزوجين .
الطلاق : من يوقعه والصور التي يتم بها انحلال ميثاق الزوجية وأحكامها ، ثم العدة وأحكامها .
الولادة : شروط ثبوت النسب القانوني للأولاد ، وتنظيم رضاعتهم وحضانتهم والإنفاق .
الولاية : على الأولاد ورعاية شؤونهم الشخصية والمالية إلى أن يكسبوا القدرة على حماية مصالحم بأنفسهم ، كما يتناول الولاية على القاصر عامة يحدد الأولياء سواء اكسبوا الولاية عن طريق القرابة أو الوصاية أو التقديم.
أموال الشخص بعد وفاته ،وكيف توزع بتصرفه الإرادي عن طريق الوصية أو بحكم القانون عن طريق الإرث
ثانيا : القانون الجنائي.
يعرف القانون الجنائي على أنه مجموعة من القواعد القانونية التي تحدد الأفعال المجرمة والجزاءات المقررة لها وذلك إما على شكل عقوبات أو تدابير وقائية ، كما تقوم هذه القواعد بتعيين الشروط الواجب توافرها لعقاب مرتكب الجريمة وتنظيم قواعد وإجراءات البحث والتحقيق ،ومسطرة المحاكمة وتنفيذ العقوبة المحكوم بها .
إذن القانون الجنائي بمعناه العام هو تلك القواعد القانونية التي تحدد الأفعال المعتبرة كجرائم يعاقب عليها قانونا والعقوبات المقررة لها، والإجراءات التي تتبع في تعقب المتهم ومحاكمته وتوقيع العقاب عليه إذا ثبت إجرامه
ثالثا : القانون التجــاري.
القانون التجاري هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات التي تنشأ بين الأفراد بسبب احترافهم التجارة أو بسبب قيامهم بأعمال تجارية فيبين حقوقهم وواجباتهم، فهو إذن القانون الذي ينظم الأعمال التجارية سواء قام بها التجار وهم من يحترفون الأعمال التجارية أو غيرهم من الأفراد الذين لم يقوموا بهذه الأعمال إلا بصفة عرضية.
ويشمل القانون التجاري كافة المواضيع المتعلقة بالعمل التجاري وبالتجار بما فيها الشركات التجارية ، إلا أن هذا الفرع عرف نوعا من التشتت فأصبح ينظر إليه بمنظور تجزيئي
رابعا : القانون البحري.
وهو مجموعة القواعد والمبادئ والعادات والقواعد المنظمة للعلاقات القانونية الناجمة عن الملاحة .
وهو يسمى بقانون التجارة البحرية ، وهو مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم التجارة في البحار وتتركز العلاقات التي ينظمها حول أهم عامل في التجارة البحرية وهو السفينة ,فينظم قانون التجارة البحرية بيع السفينة وشرائها وشحنها والتأمين عليها وعلى مشحوناتها وعقد العمل بين صاحبها وربانها وملاحيها .
خامسا: القانون الجوي.
القانون الجوي هو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم العلاقات الناشئة عن النشاط الإنساني في الغلاف الجوي، حيث تكون أداته الرئيسية هي الطائرة و خاصة الطيران التجاري،بحيث ينظم ملكيتها وبيعها ورهنها ، والنقل الجوي للأشخاص وما ينجم عنه من مسؤولية،وينظم التأمين الجوي .
ونظرا لطابعه الدولي تعد الاتفاقيات الدولية من أهم مصادر القانون الجوي .
سادسا: قانون الشغل.
هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين العمال وأرباب العمل متى كان العمل تابعا مأجورا، وهو قانون حديث النشأة نسبياً وقد نشأ كنتيجة لظهور الاختلال في التوازن الاقتصادي بين طرفي العقد (العامل ورب العمل) وذلك بقصد إضفاء نوع من الحماية للطبقة العاملة التي عانت من تعسف أرباب العمل في أعقاب الثورة الصناعية وما لابسها من سيطرة المذهب الفردي بما أدى إليه من سوء حال الطبقة العاملة .
سابعا : القانون القضائي الخاص.
هو مجموعة القواعد التي تنظم السلطة القضائية ببيان أنواع المحاكم وتشكيلها واختصاصاتها، وكذا تبين القواعد الواجبة الإتباع عند رفع الدعاوى المتعلقة بمسائل القانون الخاص والفصل فيها وتنفيذ الأحكام الصادرة بشأنها، وعلى ذلك فموضوع هذا القانون ليس هو بيان حقوق الأفراد أو التزاماتهم، وإنما هو بيان القواعد التي يجب على الأفراد إتباعها للحصول على حقوقهم وحمايتهم إذا تم الاعتداء عليها أو ثارت بشأنها منازعة.
ثامنا: القانون الدولي الخاص
القانون الدولي الخاص هو قانون ذو طابع خاص فهو لا ينظم إلا المسائل القانونية ذات الطابع الدولي ، كما يطبق على الأشخاص الخاصة وتقتضي العلاقة القانونية موضوع النزاع وجود عنصر أجنبي يمكن تحديده بمحل وقوع الواقعة ، أو بطرفي العلاقة أو بجهاز الدولة التي يتم اللجوء إليها لإنشاء العلاقة أو لفض النزاع كقيام ضابط الحالة المدنية بالمغرب هنا في المغرب بإبرام زواج الأجانب غير المسلمين ،أو لجوء زوجين فرنسيين مستوطنين بالمغرب إلى المحاكم المغربية لاستصدار حكم يقضي بالطلاق بينهما .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق