المحاضرة الثالثة مادة التنظيم الإداري سداسي 2 الشخصية المعنوية كأساس للتنظيم الإداري

المحاضرة الثالثة مادة التنظيم الإداري سداسي 2 الشخصية المعنوية كأساس للتنظيم الإداري

عالـم القانون17 ديسمبر 2021
المحاضرة الثالثة مادة التنظيم الإداري سداسي 2 الشخصية المعنوية كأساس للتنظيم الإداري

يتحكم في اختيار الدولة لأسلوب إداري معين عدة عوامل، منها نظامها الدستوري والقانوني، وحجمها ورقعتها الجغرافية ودرجة نموها وتطورها ومواكبتها للتطور الحضاري العالمي، وما أحرزته من تقدم في المجال العلمي والتكنولوجي.
والواقع أن اختيار التنظيم الإداري ليس غاية في حد ذاته، بل وسيلة لتحقيق الغايات التي تستهدفها الدول على نحو أفضل. كما أنه أسلوب لتحديد نوعية الأعمال اللازمة لتنفيذ السياسة العامة للدولة، وتوزيع هذه الأعمال بين أقسام الإدارة والعاملين فيها وبيان كيفية إنجازها باستخدام الإمكانات المتاحة لتحقيق الأهداف المرجوة بأقل نفقة وأيسر جهد.
ويرتبط المفهوم النظري في تحديد معالم التنظيم الإداري بفكرة الشخصية المعنوية التي قامت بدور بارز في إصباغ الشكل القانوني على الهياكل الإدارية.
وتجدر الإشارة إلى أن الشخصية المعنوية التي أضافها التطور القانوني إلى مجاله، ورتبت لها حقوق والتزامات شتى جعلتها تدخل مباشرة في مجال تطوير المعاملات القانونية والاجتماعية سواء في إطار علاقات الخواص فيما بينهم أو في إطار القانون العام.
والشخص المعنوي لا يقتصر فقط على مجموعة من الأشخاص الطبيعيين المجتمعين لتحقيق هدف معين، بل أن يكون أيضا مجموعة من الأموال رصدت لتحقيق غرض ما، المهم لابد من تجميع أشخاص طبيعيين أو أموال يضفي عليها القانون صفة الشخص المعنوي أو الاعتباري.
فالشخص المعنوي: هو مجموعة من الأشخاص أو من الأموال تتمتع بالشخصية القانونية أي بأهلية اكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات، وينظر إلى هذه المجموعة مجردة عن الأفراد (أي عن الأشخاص الطبيعيين) وعن العناصر المالية المكونة لها. فما هي إذن طبيعتها؟ وما هي أنواعها؟ وما هي النتائج المتربة عنها؟
المبحث الأول: طبيعة الشخصية المعنوية
يذهب الفقهاء، في تحليل طبيعة الشخص المعنوي مذاهب مختلفة، فيذهب البعض إلى أن الشخص المعنوي حقيقة واقعة، وهؤلاء هم أصحاب نظرية الحقيقة ويذهب رأي آخر إلى أن الشخص المعنوي مجرد افتراض ومجاز قانوني والثالث ينكر أنصاره وجود شخصية معنوية على الإطلاق.
المطلب الأول: نظرية الحقيقة
قوام هذه النظرية أن الشخص المعنوي ليس شخصا مجازيا أو افتراضيا من صنع القانون، وإنما هو حقيقة واقعة تفرض نفسها على المشرع، فالشخص المعنوي وإن لم يكن شخصا مجسما، فإنه في الحقائق المعنوية المجردة، فليس من الضروري أن تتجسم الحقائق القانونية في هياكل مادية، بل يكفي أن يحس بها .
فحين يجتمع عدد من الأفراد مستهدفين غرضا مشتركا، فإنه يتكون شعور ذاتي وإرادة جماعية مستقلة عن شعور وإرادة الأفراد المكونين لهذه الجماعة، هذه النظرية تترتب عليها مجموعة من النتائج:
– أن الشخص المعنوي ينشأ بمجرد توفر العناصر المكونة له ولو قبل تدخل الدولة واعترافها به.
– عند ما يتدخل المشرع يكون تدخله فقط لمراقبة نشاط الشخص المعنوي، وعندما تعترف الدولة يكون اعترافها مجرد تقرير لحقيقة واقعة لا إنشاء من العدم.
– أهلية الأشخاص المعنوية أمام القانون تساوي أهلية الأشخاص الآدمية أي تعتبر أصلا عاما مثلها وليست قياسا عليها أو تشبيها بها، وبذلك لا تنتقص هذه الأهلية أو تنتفي إلا إذا نص المشرع صراحة على ذلك، كما هو الحال بالنسبة لأهلية الشخص الآدمي.
ومقتضى هذه النظرية هو أنها تعتبر إرادة ممثل الشخص المعنوي هو إرادة الشخص نفسه، وتعتبر الأعمال التي يقوم بها هذا الممثل أثناء تأدية وظيفته هي نفسها أعمال الشخص المعنوي، ولذلك لا يحتاج الأمر إلى البحث عن تكييف أساس مسؤولية الشخص المعنوي عن أعمال ممثليه.
المطلب الثاني: نظرية المجاز
ترتكز هذه النظرية على المذهب الفردي الذي عرفه القرن التاسع عشر، والذي لا يعترف بالشخصية القانونية إلا للفرد الذي له إرادة واضحة، أما ما يسمى بالشخص الافتراضي فهو مجاز يلجأ إليه المشرع، أي أنه لا يقوم على وجود حقيقي ملموس، بل يقوم على وجود افتراضي أراده المشرع.
واستنادا إلى هذه النظرية أن الإنسان هو الشخص القانوني الوحيد، لأنه يتمتع بالقدرة والإدراك والإرادة، مما ينتج عن هذا الإسناد أن الشخصية المعنوية هي من صنع المشرع ومرهونة بمشيئته، ولا يكون للشخص المعنوي وجود قانوني إلا إذا اعترفت له الدولة بالشخصية المعنوية، ويستطيع المشرع إزاء الهيئة أن يعلق منحها الشخصية المعنوية على توافر شروط معينة يقرها المشرع بحرية تامة، ويستطيع في أي وقت أن يسحب هذه الشخصية،ومادامت هذه الشخصية المعنوية افتراضا يخالف الأصل فمن الواجب أن يكون تقريرها في الحدود الضرورية فقط.
وسار في هذا الاتجاه مجموعة من الفقهاء حيث يرون أن الشخصية المعنوية وإن كانت مجازا يخالف الحقيقة إلا أنها ضرورية ومفيدة ولهذا يؤكدون الإبقاء عليها، مع اعتبارها مجرد منحة من المشرع لا توجد إلا بالتصريح بوجودها ومن وقت وجود هذا التصريح.
المطلب الثالث: نظرية إنكار الشخصية المعنوية
تقوم هذه النظرية على أساس الرفض المطلق لفكرة الشخصية المعنوية اعتبارا إلى أن قيامها لا ينسجم مع الواقع الملموس، وإن القانون في الوقت الحاضر تجاوز مرحلة الخيال والأوهام. وأصحاب هذه النظرية هم “ليون دوكي” والفقيه “كاسطون جيز ” الذين ينكران فكرة الشخصية المعنوية اعتبارا لكون الإنسان وحده قادرا على تحمل الواجبات والتمتع بالحقوق.
وتجدر الإشارة أن داخل التيار المنكر للشخصية المعنوية يجب التمييز بين من يأخذ بفكرة الذمة المالية والتيار الذي يأخذ بفكرة الملكية المشتركة. فالتيار الأول يرى أن الشخص المعنوي عبارة عن تجمع لأشخاص طبيعيين وهؤلاء هم أصحاب الحقوق وهم المتمتعون بالشخصية القانونية غير أنهم يجمعون مالا مشتركا أي ذمة مالية مشتركة تتميز عن مال كل واحد منهم، أي أن مجموع المال مخصص لتحقيق غرض معين. اما التيار الثاني فإنه يرى عدم وجود شخصية معنوية بقدر ما توجد فقط جماعة من الأفراد لهم ذمة مالية مشتركة، ولا يصح التصرف فيها انفرادا أو لأجل مصلحة عضو معين أي أن ملكية الأموال هي ملكية جماعية لا يظهر فيها نصيب مشترك على حدة.
وعلى العموم فهذه النظرية أصبحت في الوقت الحالي مهجورة لسبب عدم واقعيتها.
المبحث الثاني: أنواع الشخصية المعنوية
قبل أن نتطرق لتقسيمات الأشخاص المعنوية الخاصة والأشخاص المعنوية العامة نرى من الضروري أن نوضح السمات التي تميز بين هذين النوعين من الأشخاص المعنوية.
المطلب الأول: التمييز بين الأشخاص المعنوية العامة والخاصة
لقد اختلف الفقهاء في تحديد معايير للتمييز بين الأشخاص المعنوية العامة والخاصة الشيء الذي أفضى إلى وجود عدة معايير متباينة يمكن إجمالها في النقط التالية:
الهدف: تهدف الأشخاص المعنوية العامة تحقيق المصلحة العامة، أما الأشخاص المعنوية الخاصة فهدفها الأساسي هو تحقيق مصالح خاصة للأشخاص المكونين لها. وإذا كان هذا المعيار صحيحا في مجمله، فإننا نلاحظ أنه لا يمكن تطبيقه كليا للتمييز بين النوعين من الأشخاص المعنوية، حيث أن كثيرا من الأشخاص المعنوية الخاصة ترمي أهدافها إلى الصالح العام بصفة مباشرة أو غير مباشرة كما هو الشأن بالنسبة للمؤسسات الخاصة الاجتماعية والجمعيات الخيرية التي تساهم بالفعل في تسيير المرافق العامة.
ممارسة السلطة العامة والتمتع بامتيازات المرفق العام: تتمتع الأشخاص المعنوية العامة بامتيازات السلطة العامة والمرفق العام، الشيء الذي يمنحها التمتع بالقواعد غير المألوفة في القانون الخاص (كإمكانية إبرام العقود الإدارية، أو الاحتلال المؤقت للملك العام، أو إقرار نزع الملكية لأجل المصلحة العامة) إلا أن هذا المعيار ليس مقنعا حيث أن هناك أشخاص معنوية خاصة مثل المشروعات الخاصة ذات النفع العام، أو الجمعيات المعترف لها بصفة النفع العام تستفيد من نفس الامتيازات.
واستنادا إلى ما سبق يمكن القول: إن هناك صعوبة في تحديد معيار صحيح للتمييز بين الأشخاص المعنوية العامة والأشخاص المعنوية الخاصة وهذا راجع بالأساس إلى مظاهر التداخل والصفات المشتركة بين هذين النوعين ويظهر ذلك على الخصوص فيما يلي:
– مبادرة الدولة إلى إنشاء بعض الأشخاص المعنوية الخاصة مثل المؤسسات الخاصة أو بعض الجمعيات التعاونية (مثل مؤسسة محمد الخامس للتضامن الموضوعة تحت رئاسة ملك البلاد).
– مشاركة الأشخاص المعنوية الخاصة في تسيير مرافق عمومية عن طريق تكوين أشخاص معنوية: مثل شركات الاقتصاد المختلط.
– التداخل والتشابه بين المهام التي تقوم بها بعض الأشخاص المعنوية العامة وبعض الأشخاص المعنوية الخاصة، كالمؤسسات العمومية الاقتصادية الصناعية أو التجارية والمؤسسات العمومية الاجتماعية وعادة ما تقوم بنفس المهام التي تقوم بها الشركات أو الجمعيات الخاصة.
لكن كيفما كان هذا التداخل بين الأشخاص المعنوية العامة والخاصة، لابد من التمييز بينهم ودراسة مختلف التصنيفات التي ينضوون تحتها، وذلك في النقطة الموالية
المطلب الثاني: أشكال الأشخاص المعنوية
الأشخاص المعنوية تتنوع حسب التقسيم الذي يعرفه القانون. ومن المعلوم أن هناك نوعين من القانون، القانون العام والقانون الخاص، وعليه فإن الأشخاص المعنوية يمكن تقسيمها حسب طبيعة القانون الذي تخضع له، ومن تم أمكن القول بأن الأشخاص المعنوية هي على نوعين: الأشخاص المعنوية الخاصة والأشخاص المعنوية العامة.
الفرع الأول: الأشخاص المعنوية الخاصة
الأشخاص المعنوية الخاصة هي تلك التي تتبع القانون الخاص وتخضع لأحكامه ولاختصاص المحاكم العادية، وتعرف كمجموعة من الأشخاص أو الأموال يمنحها المشرع الشخصية القانونية أي يؤهلها لاكتساب حقوق وتحمل التزامات. هذا النوع من الأشخاص نجد ضمنه جماعات الأشخاص وجماعات الأموال.
أ‌- جماعات الأشخاص:
هذه الجماعات متنوعة وتتميز من حيث الهدف: فمنها من تتوخى الربح المادي كالشركات، ومنها من لا تتوخى الربح كالجمعيات والنقابات والهيئات المهنية.
* الجمعيات:
بالرجوع إلى الفصل الأول من ظهير 15 نونبر 1958، نجد تعريف الجمعيات هو: “اتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة أشخاص، لاستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الأرباح فيما بينهم، وتجري عليها فيما يرجع لصحتها القواعد القانونية العامة المطبقة على العقود والالتزامات. ومن أمثلة الجمعيات يمكن الإشارة إلى تلك التي يتم خلقها بهدف الدفاع عن المستهلك، والتي هي حركات اجتماعية هدفها فتح حوار مع الجهات المعنية قصد حماية المستهلك من تجاوزات التجار سواء فيما يخص الجودة أو فيما يخص الأثمنة، إلى جانب هذا نجد أصناف أخرى من الجمعيات وهي:
الجمعيات ذات المصلحة العامة- وهي تلك التي تتمتع بامتيازات لا تتمتع بها الجمعيات العادية كالقيام ببعض الأعمال القانونية، وتملك أموال وتتلقى هبات وقد تساهم أحيانا في تسيير بعض المرافق العمومية خاصة الاجتماعية.
*الجمعيات الاتحادية- وتعرف بالاتحاديات أو الجامعات مثلا الإتحاد الوطني للمهندسين وهو اتحاد بين عدد كبير من جمعيات المهندسين بالمغرب.
الجمعيات ذات الصبغة السياسية أو ما يعبر عنه بالأحزاب السياسية وهي التي تقوم بأعمال أو أنشطة سياسية.
الجمعيات العادية: وهي الجمعيات الخاصة التي لا يعترف لها بالمنفعة العامة وتشمل جل الجمعيات الثقافية والرياضية والعلمية.
الجمعيات الأجنبية: وهي التي تتوفر على إحدى الصفات الآتية: مقر بالخارج أو مقر بالمغرب ومديرين أجانب أو مسيرين أجانب أو نصف أعضائها أجانب.
النقابات المهنية: وهي أشخاص معنوية، لا تهدف إلى تحقيق الربح مثل الشركات، بل إلى تحقيق غايات أخرى ذات طابع مهني، فالهدف الرئيسي من خلق هذا النوع من الأشخاص المعنوية يتلخص أساسا في الدفاع عن المصالح المهنية والمشتركة للأعضاء المنتمين إليها، ومن تم فإن المشرع يعترف لها بأهلية واسعة حتى تتمكن من الدفاع عن المصالح وحمايتها.
الشركات: بالرجوع إلى الفصل 982 من قانون الالتزامات والعقود المغربي نجد أن الشركة هي: “عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو عملهم أو هما معا لتكون مشتركة بينهم بقصد تقسيم الربح الذي ينشأ عنها: “إذن فالغاية من الشركة هو تحقيق الأرباح أو توزيعها بين الأشخاص الذين يكونون الشركة.
ب- جماعات الأموال:
يتمثل هذا النوع من الجماعات في المؤسسات الخاصة، التي ترمي إلى تحقيق أغراض إنسانية ثقافية اجتماعية عن طريق رصد أموال دون تحقيق ربح مادي. إلى جانب هذه المؤسسات نجد ما يسمى بالوقف أو الحبس وهو مجموعة من الأموال توجه لغرض معين يستهدف أساسا “البر والإحسان” وهو نظام من تراثنا الإسلامي، إذ هو مستمد من الشريعة الإسلامية لغايات كريمة، إما للمساهمة في إيجاد حلول مادية للأهل والأقارب أو للعمل على المساهمة في الأعمال الإنسانية الصرفة أو الدينية قصد تعزيز المساهمة في إرساء القواعد وأصول الإسلام عن طريق الحفاظ وصيانة مقدساته وأماكن العبادة والمرافق المرتبطة بها واللازمة لحسن سيرها.
الفرع الثاني: الأشخاص المعنوية العامة
تشكل الأشخاص المعنوية العامة صنفا مهما من أشخاص القانون الإداري، وتتميز هذه الأشخاص المعنوية بكونها تتوفر على امتيازات السلطة العمومية وتخضع للالتزامات التي تخضع لها هذه الأخيرة، بمعنى أنها تتمتع بصلاحيات وتفرض عليها التزامات غير مألوفة في القانون العادي، وهي تنقسم إلى فئتين أساسيتين: الأشخاص الترابية أو الإقليمية والأشخاص العامة المرفقية أو المصلحية، وسنعمل على تحليل كل منهما في النقطتين التاليتين:
أ- الأشخاص المعنوية العامة الترابية أو الإقليمية:
هي التي يعترف لها المشرع بمجموعة من الحاجيات التي تؤكد وجودها وتبين النظام القانوني الذي تخضع له وكذا نوعية الاختصاصات التي تتمتع بها. وتنقسم الأشخاص المعنوية الإقليمية إلى نوعين:
الدولة:
تعتبر الدولة أهم الأشخاص المعنوية العامة، وشخصيتها ركن من أركان وجودها وفقا لقواعد القانون الدولي العام، فلها سيادة تعكس الوجه القانوني للأمة وعناصرها هي: الإقليم والشعب والسلطة، ونشاطها يشمل مجموع التراب الوطني.
وإذا كان الدستور المغربي لا ينص صراحة على تمتع الدولة المغربية بالشخصية المعنوية المستقلة، إلا أنه يتضمن العديد من النصوص التي تعترف لها ضمنيا بالشخصية المعنوية.
الجماعات الترابية:
وهي كل الجماعات الترابية التي تمارس اختصاصات محددة تهم جزء معينا من التراب الوطني تحت رقابة الدولة ووصايتها، وقد نص الدستور المغربي في فصله 135 على، “الجماعات الترابية للمملكة هي: الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات.
ب-الأشخاص المعنوية العامة المصلحية أو المرفقية:
وهي التي يتحدد اختصاصها على أساس مصلحي أو مرفقي وتدعى المؤسسات العمومية التي تمنحها الدولة أو الجماعات الترابية الشخصية المعنوية لإدارة مرفق عمومي على أساس التخصص، وتتمتع بامتيازات الشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري. هذا النوع من الأشخاص المعنوية يتنوع ويتميز عن غيره بحسب طبيعة النشاط الذي يقوم به حيث نجد المؤسسات العمومية الإدارية والمؤسسات العمومية التي تقوم بأنشطة ذات طبيعة تجارية وصناعية.
فالمؤسسات العمومية الإدارية هي شخص من أشخاص القانون العام تمارس نشاطا إداريا محضا. وتخضع للقانون العام ولا يطبق عليها القانون الخاص إلا بصفة استثنائية وفي أحوال ضيقة ويعتبر مستخدميها موظفين عموميين.
أما المؤسسات العمومية ذات الطابع التجاري والصناعي فهي تعتبر أشخاصا معنوية كذلك من القانون العام تسير مرفقا عموميا صناعيا أو تجاريا وفق شروط قريبة مما هو مطبق في المقاولات الخاصة، فهي في غالبها شبيهة بالبنية التنظيمية للمؤسسات العمومية الإدارية بحيث يوجد على رأسها مجلس للإدارة ومدير ولجنة تقنية غير أنها تختلف عن هذه الأخيرة في استعمالها لأساليب الإدارة الخاصة.
بالإضافة إلى هذا فالمؤسسات العمومية تتنوع كذلك بحسب نطاقها الترابي فنجد مؤسسات عمومية تمارس نشاطها إما بصفة شمولية على مجموع التراب الوطني، وقد أسند الفصل 71 من الدستور لسنة 2011 إلى السلطة التشريعية صلاحية إحداثها ومن أمثلتها، صندوق الإيداع والتدبير، وبريد المغرب، كما نجد مؤسسات عمومية تمارس نشاطها بصفة ضيقة في نطاق جغرافي يحدده المشرع قد يتعلق بجهة أو إقليم أو جماعة .
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا كان هناك تنوع وتمييز بين المؤسسات العمومية الإدارية والمؤسسات العمومية الصناعية والتجارية فهناك تمييز كذلك بين المؤسسات العمومية والمؤسسات ذات النفع العام مثل: الهلال الأحمر المغربي- اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير.
وللتمييز بين هاتين المؤسستين اعتمد الفقه على عدة معايير من بينها:
– المؤسسة العمومية يتم إحداثها من طرف سلطة عامة وقد سبقت الإشارة إلى هذا الإنشاء سواء على الصعيد الوطني أو على الصعيد المحلي.
أما إحداث المؤسسات ذات النفع العام يكون بمبادرة خاصة فردية أو جماعية.
– معرفة القانون المطبق: تستفيد المؤسسات العمومية من امتيازات السلطة العامة إلا أن هذه الاستفادة تكون نسبية للمؤسسات ذات النفع العام.
– الخضوع للوصاية: بما أن المؤسسات ذات النفع العام يتم إحداثها بمبادرة من الأفراد فإنها لا تخضع للوصاية في حين أن المؤسسة العمومية تخضع لوصاية الشخص العام التابعة له.
المبحث الثالث: النتائج المترتبة على منح الشخصية المعنوية.
تترتب على الاعتراف بالشخصية المعنوية نتائج هامة يشترك فيها أشخاص القانون العام وأشخاص القانون الخاص، إلا أن القانون يعترف للأشخاص المعنوية العامة ببعض الخصائص غير المعترف بها للأشخاص المعنوية الخاصة بالإضافة إلى النتائج المشتركة.
وسنوضح النتائج المشتركة (المطلب الأول) ثم نتناول النتائج الخاصة بالشخصية المعنوية العامة (المطلب الثاني).
المطلب الأول: النتائج المشتركة للاعتراف بالشخصية المعنوية
يعترف القانون للأشخاص المعنوية الخاصة والعامة بنفس الحقوق التي يتمتع بها الشخص الطبيعي، ما عدا تلك المرتبطة بطبيعة الإنسان، وتتلخص أهم هذه الحقوق فيما يلي:
– الذمة المالية المستقلة: إن ضرورة الاعتراف بذمة مالية مستقلة كانت هي الدافع الأساسي لخلق وابتكار الشخصية المعنوية، وتعني الذمة المالية انفراد الشخص المعنوي بذمة مالية مستقلة عن الأشخاص الطبيعيين المكونين له. وهي مجموعة الحقوق المالية المختلفة ومجموعة الواجبات والالتزامات المفروضة على الشخص المعنوي.
– الأهلية القانونية: وهي إمكانية الشخص المعنوي التصرف في الحدود التي يعنيها سند إنشائه أو التي يقررها القانون.
– أهلية التقاضي، يجوز للشخص المعنوي رفع الدعاوى المختلفة للدفاع عن مصالحه وطلبا لحقوقه، كما أن للغير أن يقاضوه طلبا لحقوقهم عليه.
– موطن مستقل: لجميع الأشخاص المعنوية موطن مستقل عن موطن الأشخاص المكونين لها، ووجود هذا الموطن ضروري جدا في المعاملات القانونية، كما يسهل معرفة الجهة القضائية المختصة في الدعاوى المرفوعة ضده.
– نائب يعبر عن إرادته: لما كان الشخص المعنوي فكرة قانونية معنوية فلابد أن يكون له شخص طبيعي كي ينوب عنه في التعبير عن إرادته والتصرف باسمه وتمثيله أمام القضاء.
– مسؤولية الشخص المعنوي: يتحمل الشخص المعنوي مسؤولية جميع تصرفاته سواء أكان أساس المسؤولية العقد أو الفعل الضار أو الاتراء بلا سبب أو مجرد المخاطر، بمعنى أن المسؤولية قد تكون مسؤولية إدارية بالنسبة للأضرار الناتجة عن الأعمال التي يتخذها الشخص المعنوي العام.
وقد تكون مسؤولية مدنية بالنسبة للأشخاص المعنوية الخاصة، أو مسؤولية جنائية عن الأعمال المنسوبة إليها كما هو الأمر بالنسبة للجمعيات أو النقابات التي قد تواجه عقوبة حلها نتيجة قيامها بأعمال غير شرعية..
المطلب الثاني: النتائج الخاصة بالأشخاص المعنوية العامة
تتمثل هذه النتائج في كون الأشخاص المعنوية العامة تتمتع بنفس الامتيازات التي تتمتع بها السلطات العمومية، أي أنها تتوفر على الصلاحيات وتخضع للواجبات غير المألوفة في القانون العادي، وتبعا لذلك فإن قراراتها تعتبر قرارات إدارية تخضع لإحكام القانون العام، ويتم البت فيها من طرف القضاء الإداري سواء على مستوى تقييم المشروعية أو على مستوى المسؤولية. بالإضافة إلى ذلك فإن المبادئ التي تقوم عليها الأشخاص المعنوية للقانون العام هي المبادئ التي ترتكز أساسا على فكرة المصلحة العامة، بخلاف ما هو عليه الأمر بالنسبة للأشخاص المعنوية للقانون الخاص، ومن بين هذه المبادئ يمكن الإشارة إلى تلك التي ترتبط ارتباطا وثيقا بمفهوم النظام العام، وذلك مثل الاستمرارية والمساواة والقابلية للتغيير

المصدر الأستاذ: الحاج شكرة
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق