التعويض عن الاضرار الجسمانية لحوادث السير من صندوق ضمان حوادت السير

التعويض-عن-الأضرار-الجسمانية-لحوادث-السير

الفقرة الأولى:تعريف صندوق ضمان حوادث السير.

يقصد بصندوق ضمان حوادث السير المؤسسة التي تم إحداثها بمقتضى الظهير الشريف المؤرخ في 22 فبراير 1955 المؤسس لصندوق مال الضمان، ويتمتع بالشخصية المعنوية وتمسك محاسبته طبقا لأحكام القسم الرابع من الكتاب الثالث من القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات، إلا أنه يعفى من إعداد بيان أرصدة الإدارة وجدول التمويل وقائمة المعلومات التكميلية.
ويتحمل هذا الصندوق التعويض الكلي أو الجزئي للأضرار البدنية التي تتسبب فيها عربة برية ذات محرك غير مرتبطة بسكة حديدية أو بواسطة مقطوراتها أو شبه مقطوراتها وذلك في الحالة التي يكون فيها الأشخاص المسؤولين عن هذه الحوادث مجهولين أو غير مؤمنين وغير قادرين على تعويض الضحايا بسبب عسرهم.
إلا أن هناك مجموعة من الأشخاص يتم استثناؤهم من الاستفادة من هذا الصندوق أو بالأحرى الاستفادة من تعويضاته، وهم:

  • -مالك السيارة باستثناء الحالة التي يتم فيها سرقتها، وكذلك السائق، وبصفة عامة كل شخص له حراسة السيارة أثناء وقوع الحادثة.
    -الممثلون القانونيون للشخص المعنوي المالك للسيارة أو العربة ذات المحرك، في حالة كونهم منقولون داخلها.
    -أجراء أو مأموروا مالك أو سائق العربة البرية ذات محرك الذي تقع عليه مسؤولية الحادث أثناء قيامهم بعملهم.
    -مرتكبوا السرقة ومشاركوهم والأشخاص المنقولون على متن العربة ذات المحرك في حالة سرقتها، ما عدا إذا أثبت هؤلاء حسن نيتهم.

غير أنه يمكن المطالبة بالاستفادة من هذا الصندوق إذا كانت الحادثة تثبت مسؤوليتها على عاتق من له حراستها وذلك في حدود هذه المسؤولية.
ويتمتع هذا الصندوق بالشخصية المعنوية المدنية بصفة مزدوجة، حيث أنه مؤسسة خاضعة للقانون الخاص ويقوم في نفس الوقت بمصلحة عامة وهي تعويض ضحايا حوادث السير في حالة عدم وجود تغطية تأمينية.
وبالرغم من وجود هذا المزج، فإن عنصر الصفة الخاصة هي الأكثر وضوحا بالنسبة لهذا الصندوق، حيث يغلب عليه الطابع الخاص، وذلك من خلال مصادر تمويله وكيفية تسييره وإمكانية اللجوء إلى القضاء، وإمكانية رفع الدعوى ضده وربط علاقته كمستخدميه كلها تخضع للقانون الخاص، كل ذلك يجعل منه مؤسسة خاصة تخضع لرقابة الدولة أي أنه مؤسسة شبه عمومية.
والملاحظة التي تجدر الإشارة إليها، هي تعثر تنفيذ الأحكام الصادرة في مواجهة هذا الصندوق مباشرة، حيث أن طلبات التنفيذ المقدمة ضده تبقى برفوف مكاتب التنفيد بالمحاكم ولا تخضع عمليا للقواعد العامة للتنفيذ الجبري بقدر ما تخضع لإرادة الصندوق مما يؤثر على حقوق الضحايا و يمس بمبدأ المساواة في تنفيذ الأحكام.
وهكذا، وخلال سنوات 1996 و 1997 قام الصندوق (صندوق مال الضمان ) بأداء التعويضات المترتبة عن 323 ملف بمعدل 161 ملف في السنة، ووصل مجموع التعويضات إلى مبلغ 31 مليون درهم خلال سنة 1998، وتم الأداء لفائدة الضحايا بتعويضات وصلت قيمتها إلى مبلغ 15 مليون درهم.

الفقرة الثانية: حالات الرجوع على صندوق ضمان حوادث السير.

إن الغاية التي أدت بالمشرع المغربي إلى إحداث صندوق ضمان حوادث السير تتجلى في تمكين الضحايا وأصحاب الحقوق من الحصول على تعويض في الحالات التي لا يغطيها التأمين.
وقد جاء في المادة 143 من مدونة التأمينات أنه كل محضر يحرره ضباط أو أعوان الشرطة القضائية بخصوص حادثة سير بدنية تسبب فيها شخص مجهول أو غير مؤمن يجب أن يشير صراحة إلى هذه الواقعة.
يجب أن ترسل نسخة من كل محضر محرر طبقا لأحكام الفقرة السابقة إلى صندوق ضمان حوادث السير خلال أجل شهر من تاريخ اختتامه” .
وهذا ما يوضح ضرورة إخبار صندوق ضمان حوادث السير، وبالتالي يشير إلى الحالات التي يمكن فيها الرجوع عليه، إلا أن مسطرة اللجوء إليه تختلف باختلاف هذه الحالات والتي يمكن إيجازها في الآتي:

1-حالة كون مرتكب الحادثة ظل مجهولا.

فإذا ارتكبت الحادثة من طرف شخص مجهول، كأن يكون ارتكبها وفر ولم يعثر عليه بعد ذلك، ففي هذه الحالة يعتد بالمحضر المحرر وفق ما نصت عليه المادة 143 من مدونة التأمينات، والتي تعتبر المحضر وثيقة رسمية بالنسبة للمصاب ولذوي حقوقه، إذ على أساسه يقع إثبات وجود الحادثة، وفي نفس الوقت إثبات مسؤولية الفاعل الذي ظل مجهولا .
كما أن توجيه محاضر الشرطة مباشرة إلى صندوق ضمان حوادث السير لا يعفي الضحية أو ذوي حقوقه من تقديم طلبهم إلى الصندوق المذكور داخل الأجل القانوني .
وصندوق ضمان حوادث السير إما أن يوافق على طلب التعويض بالدخول في مفاوضات مع الطالب لتحديد المبلغ، أو ألا يوافق إذا تبين له أن الشروط اللازمة غير متوفرة ، وهنا يلجأ المتضرر إلى المحكمة الابتدائية المختصة للحصول على التعويض.

2-حالة كون مرتكب الحادثة معروف إلا أنه بدون تأمين.

وسواء كان ذلك بصفة كلية أو جزئية، بشرط القيام بإجرائيين يتمثلان في توجيه طلب إلى صندوق ضمان حوادث السير بالإضافة إلى الحصول على صلح مع مرتكب الحادث.
كما أن طلب التعويض يجب أن يرفق وجوبا بنسخة من الحكم النهائي القابل للتنفيذ أو بنسخة من وثيقة الصلح مصادق عليها من طرف السلطات الإدارية المختصة.

3-حالة كون مرتكب الحادث معروف إلا أنه أثيرت بشأنه دفوع تتعلق بتوقيف عقد التأمين أو الضمان أو عدم التأمين أو التأمين الجزئي.

وفي ذلك يتجلى الدور الاجتماعي الذي يقوم به الصندوق وهو ما يتطلب السماح بإدخاله في الدعوى سواء كان مرتكب الحادثة غير مؤمن أو كان من شأن مؤسسة تأمينية أن تدفع بأي عنصر من شأنه أن يؤدي إلى استبعاد الاستفادة من ضمانها كليا أو جزئيا، وبالتالي تحويل الحق للمحاكم في إصدار الأحكام المناسبة ضد الصندوق بما في ذلك إحلاله في حدود التزاماته القانونية محل المسؤول عن الحادثة في نفس الوقت الذي تأمر فيه بإخراج مؤسسة التأمين من الدعوى، وذلك إذا ثبت عسر المسؤول المذكور.
وعليه، فإنه إذا أصيب شخص بأضرار جسمانية نتيجة حادث سير تسببت فيه سيارة وأثبت الضحية أو ذوي حقوقه بأن الضرر ناتج عن الحادث، استحق التعويض من الصندوق الخاص بتعويض ضحايا حوادث السير، وهذا بغض النظر عن تصرفه وخطئه في الحادث، هذا بطبيعة الحال في حالة عدم وجود تأمين يغطي هذه الأخطار أو عدم كفايته.
أما في غير الحالات الثلاث المذكورة، فإن التعويض تتم المطالبة به في مواجهة شركة التأمين طبقا لظهير 02 أكتوبر 1984 المتعلق بالتعويض عن الأضرار التي تتسبب فيها عربات ذات محرك، حيث تشمل مختلف الصور التي يرجع فيها المضرور بصفة مباشرة على المسؤول المدني الذي تسبب في الحادثة المرتكبة بواسطة عربة برية ذات محرك بمقتضى المادة 106 ق ل ع، وإلا سقط حقه في المطالبة بالتعويض إذا انعدم أجل التقادم، كما تشمل هذه الحالة مختلف الفروض التي تتجه فيها دعوى المضرور إلى المطالبة بالتعويض عن أضرار أخرى غير تلك التي شملها ظهير 02 أكتوبر 1984.
وتجدر الإشارة إلى أن الرجوع على المسؤول المدني في هذه الحالات المذكورة أعلاه، يشمل مختلف الأحوال التي يسقط أو ينعدم فيها التأمين، بحيث تتحلل شركة التأمين أو صندوق ضمان حوادث السير من الالتزام بالحلول محل مالك السيارة المؤمن عنه.

الفقرة الثالثة: شروط اللجوء إلى صندوق ضمان حوادث السير.

من أجل الرجوع على صندوق ضمان حوادث السير لابد من توفر ثلاث أنواع من الشروط:

أولا: الشروط الخاصة بطبيعة الضرر الذي يقبل التعويض من طرف الصندوق،

إذ يشترط فيه أن يكون ضررا بدنيا لاحقا بالضحية أو بذوي حقوقه، وبالتالي يتم استثناء الأضرار المادية التي تلحق بالسيارة نفسها أو بالأمتعة أو غيرها من الأشياء.
أما الأضرار المعنوية فهي محل خلاف، حيث جاء في قرار للمجلس الأعلى:

“إذا كان الفصل الأول من الظهير المؤسس لصندوق مال الضمان قد نص على تعويض الأضرار البدنية بمفهومها الواسع، فإن الفصل الأول من قرار التطبيق المؤرخ في 23/02/1955 توسع وأضاف إلى ذلك تعويض ذوي حقوق الضحية بعموم الإطلاق دون تمييز بين من لحقهم ضرر مادي أو ضرر معنوي. مما يمكن القول أن الصندوق مسؤول كذلك عن تغطية الأضرار المعنوية اللاحقة بذوي حقوق الضحية، فتكون المحكمة قد صادفت الصواب عندما منحتهم تعويضات معنوية وفق ما يسمح به النص المحتج به”.

إلا أن المجلس الأعلى كان له موقف آخر قبل هذا القرار، حيث استثنى التعويضات المعنوية من دائرة اختصاص صندوق مال الضمان، وهكذا جاء في قرار صادر عنه أنه:
“حقا، حيث إن صندوق مال الضمان يتحمل التعويضات الواجبة لضحايا حوادث السير الذين يصابون بأضرار جسمانية أو ذوي حقوقهم عما يصيبهم من أضرار، وهو لا يتحمل التعويضات المعنوية التي يمكن أن يحكم بها لفائدة المتضررين لذلك فإن الحكم المطعون فيه عندما حكم بالتعويض المعنوي يكون قد خرق مقتضيات الفصل الأول من القرار الوزيري المؤرخ في 29/2/1955 ويكون معرضا للنقض في حدود الوسيلة”.
وفي تعليقه على هذا القرار يذهب الأستاذ إدريس الضحاك الرئيس الأول السابق للمجلس الأعلى إلى أن الأضرار البدنية في الفصل الأول من قرار 23/02/1955 جاءت بصيغة الإطلاق وأن ذلك يقتضي تفسيرها على أساس أنها تشمل على الأضرار البدنية المادية والأضرار البدنية المعنوية.
كما أن من الشروط اللازم توفرها للاستفادة من صندوق ضمان حوادث السير، أن يتم إقامة الدعوى داخل أجل محدد، وهكذا جاء في قرار للمجلس الأعلى أنه:
“وحيث أن الطلب يجب توجيهه داخل أجل ستة أشهر لصندوق الضمان ويكفي أن يوجه برسالة مضمونة.
وحيث أن المحكمة لم تستخلص النتيجة القانونية من الأحداث النهائية لديها.
وحيث أنها مادمت لم تنص على أن الرسالة المضمونة قدمت بعد ستة أشهر فإنها لم تركز حكمها على أساس قانوني”.

وجاء في قرار آخر:

“حقا لما تبين صدق ما عابه الطالب على القرار، وذلك أن الحادث وقع بتاريخ 10/04/1967 والدعوى ضد صندوق مال الضمان لم ترفع إلا بتاريخ 22/06/1976 وبعد وقوع الحادث بأكثر من ثمانية عشر شهرا، مما يعد خرقا للفصل المشار إليه في الوسيلة والقرار معرض للنقض”.

ثانيا: الشروط المتعلقة بالسيارة

ويعني ذلك أن الحادث يجب أن يقع بواسطة السيارة، ويدخل في عموم هذا اللفظ السيارات والدراجات ذات المحرك والعربات المجرورة بها أو المتجولة في الطرق، ما عدا العربات التي تسير على سكة حديدية.

أما العربات التي لا تتوفر على محرك فلا ضمان يشملها من جانب صندوق ضمان حوادث السير.

ثالثا: الشروط المتعلقة بالمتضرر ويمكن تلخيصها في الآتي:

1-أن يكون الضحايا أو أصحاب الحقوق قاطنين بالمغرب أو من رعايا دولة يتمتع فيها الرعايا المغاربة بشرط المعاملة بالمثل.
2-أن يكون الحادث قد وقع بالمغرب.
3-أن يكون الحادث يمنح الحق في التعويض حسب التشريع المغربي المطبق، وأن الحادث لا يمنح الحق في التعويض الكامل في أي إطار آخركما تنص على دلك المادة 149 من مدونة التأمينات.

وبعيدا عن المجال النظري فان المتتبع لموضوع التعويض عن حوادث السير يلاحظ تعثرا واضحا في تنفيذ الملفات من هذا القبيل إذ قد يصل المتضرر الى سنوات و سنوات من الانتظار و الترقب في انتظار أن يتوصل بمبلغ التعويض ، و هو ما يضع نقط استفهام كثيرة حول دور الجهات الوصية و مدى مراقبتها و الاختصاصات المخولة لها لاجبار الجهة المسؤولة سواء على الحادثة أو التي تحل محلها في المسؤولية على الوفاء بالتزاماتها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق : من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...التفاصيل

موافق