مقدمـــــــــــــــــة:
الكمبيالة هي وسيلة مالية تستخدم كأداة للدفع والائتمان في العمليات التجارية، تعد الكمبيالة نوعًا من الأوراق المالية التجارية التي تحمل التزامًا مكتوبًا بدفع مبلغ محدد لصاحب الكمبيالة (المستفيد) في تاريخ محدد مستقبلي، أو عند الإطلاع و في تاريخ قابل للتعيين، و تستخدم الكمبيالة عادة في المعاملات التجارية الدولية والعمليات التجارية الكبيرة.
و عليه فالكمبيالة هي “تصرف قانوني ينشأ بإرادة الساحب الذي يعبر عن تلك الإرادة بالتوقيع على الكمبيالة،و يفيد هذا التوقيع إلتزامه بدفع مبلغ نقدي معين في تاريخ معين أو بمجرد الإطلاع لصالح المستفيد منها أو حاملها.
حيث تتطلب الكمبيالة الضمان والوفاء من جميع الأطراف المعنية، الشخص الذي يصدر الكمبيالة (الساحب أو المدين) يتعهد بدفع المبلغ المحدد في الكمبيالة لصاحبها (المستفيد)، بالإضافة إلى ذلك، توجد أطراف أخرى مشتركة في الكمبيالة مثل البنك و الذي يسمى المسحوب عليه الذي يكون مسؤولاً عن دفع المبلغ عند استحقاقه.
و الكمبيالة على مر الزمن عرفت نوعين من الكمبيالة الأولى تسمى التقليدية أو العادية و الثانية تسمى الكمبيالة المنمطة أو الموحدة، حيث أن هذه الأخيرة لم تظهر حتى سنة 2007 عن طريق منشور بنك المغرب المؤرخ بتاريخ:27 فبراير2007.
و ظهور هذا النوع من الكمبيالة لا يعني إندثار النوع الأول و إنما جاءت هذه الوسيلة من أجل منح ضمانات أكبر للتجار و بعض المميزات الإضافية، في حين لازال النوع الأول يتم التعامل به من طرف غير التجار بالدرجة الأولى و كذلك التجار إن أرادو ذلك على إعتبار أن التجار لهم حرية الإختيار بين النوعين، في حين أن غير ليس لهم سوى إستعمال الكمبيالة العادية أو التقليدية، و تعتبر هذه الخاصية من الخصائص المميزة للكمبيالة الموحدة أو المنمطة و التي تبرز بعض أوجه الإختلاف و التشابة و التي سنعرض أغلبها في المحاور الموالية.
وإذا كانت الكمبيالة العادية او التقليدية قد نالت ما يكفي من الكتابات والدراسات والأبحاث، فإن الكمبيالة الموحدة أو المنمطة لم يتم الإقبال عليها، وبالتالي لازالت غامضة بالنسبة للمواطنين عامة، والباحثين خاصة، من أجل ذلك قمنا بمحاولة متواضعة في هذه المقالة، لعلنا نوضح مدلول الكمبيالة الموحدة، ونقف على أوجه الاختلاف و التشابه بينها وبين الكمبيالة العادية التي تم تنظيمها في مدونة التجارة.
و عليه و لأجل معالجة هذا الموضوع سننطلق من محاولة الإجابة عن الإشكالية الرئيسية التالية: ماهي أوجه الإختلاف و التشابه بين الكمبيالة العادية أو التقليدية و الكمبيالة الموحدة أو المنمطة؟ و ماهي خصائص و مميزات كل منهما؟ و على يمكن إستخلاص تعريفين لكل صنف على حدى؟
المطلب الأول : تعريف الكمبيالة التقليدية والكمبيالة المنمطة أو الموحدة وخصائصها.
الفقرة الأولى: تعريف الكمبيالة التقليدية وخصائصها.
الفقرة الثانية: تعريف الكمبيالة المنمطة و خصائصها.
المطلب الثاني : أوجه الاختلاف والتشابه بين الكمبيالة التقليدية والكمبيالة المنمطة.
الفقرة الأولى: أوجـــــــــــــــــــــه التشابــــــــــــــــــــــــه.
الفقرة الثانية: أوجـــــــــــــــــــه الاختـــــــــــــــــــــــلاف.
المطلب الأول : تعريف الكمبيالة التقليدية والكمبيالة المنمطة أو الموحدة وخصائصها.
يستند الإطار القانوني لأنظمة ووسائل الأداء إلى نصوص ذات طابع عام وخاص على حد سواء، ويعتمد على بعض المفاهيم القانونية الأساسية، لاسيما النظرية العامة للواجبات والمسؤولية المدنية وكذا بعض العقود المسماة، مثل الوديعة والوكالة.
وتخضع جوانب أخرى من الأداءات الكتابية المكونة أساسا من الحساب البنكي لمقتضيات القانون رقم 95/15 بمثابة مدونة التجارة الصادر بتنفيذه الظهير رقم 83-96-1 بتاريخ 1 غشت 1996، الذي يحدد النظام القانوني للحساب تحت الطلب، وإيداع الأموال، والأوراق التجارية، والتحويل والبطاقات البنكية.
وتخول مقتضيات القانون رقم 12-103 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 193-14-1، لمؤسسات الائتمان الحق في تحصيل الودائع، ووضع وسائل الأداء رهن إشارة الزبناء وتدبيرها، وينص هذا القانون على فئة جديدة من المؤسسات غير البنكية تدعى “مؤسسات الأداء” مؤهلة لمسك حسابات الأداء وتقديم خدمات الأداء المرتبطة بها.
كما أنه توجد مجموعة من المناشير المنظمة لبعض جوانب وسائل الأداء و الإئتمان، و لعل أهمها المنشور الصادر عن والي بنك المغرب الذي يفسر و يذكر تعريف و خصائص الكمبيالة الموحدة(الفقرة الثانية) ثم سنتعرف في الفقرة الأولى على خصائص و تعريف الكمبيالة العادية أو التقليدية(الفقرة الأولى) من أجل إسنتناج أهم الفوارق بينهما و بالتالي معرفة حدود الإختلاف و التشابه التي سنعمل على التفصيل فيها ضمن المطلب الثاني.
الفقرة الأولى: تعريف الكمبيالة التقليدية وخصائصها.
الكمبيالة التقليدية أو الكمبيالة العادية كما تسمى أيضا حيث أن التسميتان وجهان لعملة واحدة، و لافرق بينهما و المعروف أن الكمبيالة التقليدية أو العادية هي المعمول بها منذ مدة طويلة و هي المنظمة بموجب مدونة التجارة القانون:15.95، و قد أعطي لها مجموعة من التعاريف تصب في إتجاه واحد و كلها تفيد بأنها “تصرف قانوني ينشأ بإرادة الساحب الذي يعبر عن تلك الإرادة بالتوقيع على الكمبيالة، و يفيد هذا التوقيع إلتزامه بدفع مبلغ نقدي معين في تاريخ معين أو بمجرد الإطلاع لصالح المستفيد منها أو لحاملها، و هذا الإلتزام الصرفي شأنه شأن أي إلتزام أخر، بحيث يستدعي توافر مجموعة من الخصائص المميزة له و التي تتمثل إجمالا في أنها: سند شكلي حيث تحرر وفق شكل قانوني محدد، حيث تعتبر الكمبيالة بصفة عامة سندات مكتوبة تحرر وفق بيانات إلزامية نص عليها القانون، يؤدي تخلفها كلها أو بعضها مبدئيا إلى بطلان السند كورقة تجارية و تتحول إلى سند عادي، ولكل منها شكل خاص بما يحدده القانون، سواء من حيث التسمية، أو وجوب إحتوائها على عدد أخر من البيانات الإلزامية التي تعتبر أساس وجودها. كما أن من أهم خصائص الكمبيالة العادية أو التقليدية نجد إستقلال التوقيعات و الذي يقصد به أن إلتزام كل موقع على الكمبيالة يعد قائما بذاته، و مستقلا عن إلتزامات الموقعين الأخرين، بحيث لا يتأثر و لايزول بزوال إلتزامات بقية الموقعين سواء أكانو سابقين أم لاحقين له، و تأسيسا على ماسبق، فإن حقوق الحامل تبقى مضمونة على الرغم من بطلان إلتزام أحد الملتزمين بمقتضى الورقة التجارية حيث يبقى من حقه الرجوع على باقي الموقعين.
كذلك نجد أن مبدأ التجريد يعتبر من أهم مميزات الكمبيالة و المقصود به أن نشأة الإلتزام الصرفي منفصل تماما عن العلاقة الأصلية التي أدت إلى إنشائه، و ذلك حتى لا يتعذر تداول الورقة بسبب علاقات أجنبية عنها، و يتفرع على خاصية التجريد أنه لايجوز للمدين الصرفي أن يدفع في مواجهة الحامل حسن النية بالدفوع المشتقة من سبب الإلتزام الصرفي، أي العلاقة الأصلية كبطلان هذه العلاقة و إنقضائها.
كما يقصد به نشأة الكمبيالة أو الإلتزام الصرفي بعيدة أو مستقلة عن السبب، فتعتبر صحيحة إن توفر الشكل الذي حدده القانون و لو لم تستند إلى سبب إعمالا لنظرية الظاهر أو المظهر الخادع يحمي المخدوع.
إذن فالتجريد يجعل الكمبيالة و غيرها من الأوراق التجارية تتداول بعيدا عن السبب الذي أنشئت من أجله، أي أنها تستمد قوتها التنفيذية من ذاتها و من قانون الصرف، و هو ما لايأخذ به القانون العادي أو القانون المدني المغربي(قانون الإلتزامات و العقود)، بل يجعل التصرف المسبب هو أساس و جوهر المعاملات و من النظام العام.
ثم خاصية تطهير الدفوع أو عدم التمسك بالدفوع و التي تقوم على عدة إعتبارات فرضها العرف و التعامل التجاري، و تقبلتها الحياة التجارية و احتضنتها لأنها بمثابة الحصن الأمين، و يتجلى منطق الأمان فيها كونها تحصن حقوق الحامل و تحميه من جميع المفاجات الممثلة في الإحتجاج بدفوع لا يعلم عنها شيئا.
كذلك توجد خصائص أخرى من قبيل الضمان الصرفي و الذي يحيل إلى ضرورة تضامن جميع الموقعين على الكمبيالة في حالة وقع مشكل ما لحاملها، ثم خاصية أن الكمبيالة و رقة تجارية و الإلتزام الصرفي الناشئ عنها تجاريا إستنادا إلى المادة 9 من مدونة التجارة ، بالإضافة إلى خاصية إندماج الحق في الورقة و ضرورة الصك أو السند لوجود الإلتزام ذاته، ثم قابلية الكمبيالة للتداول بالطرق التجارية و عدم ترتيب تجديد الإلتزام الأصلي على إنشاء أو سحب الكمبيالة.
و هذه الخصائص تعتبر من أبرز مميزات الورقة التجارية الكمبيالة التي نصت عليها مدونة التجارة و قانون الصرف الموحد بجنيف، و عليه فهل يمكن إعتبار أن هذه الخصائص هي نفسها التي تميز الكمبيالة المنمطة أو الموحدة و هذا ما سنتعرف عليها في الفقرة الموالية.
الفقرة الثانية: تعريف الكمبيالة المنمطة و خصائصها.
تعتبر الكمبيالة الموحدة بدورها ورقة تجارية، و تسميتها بالموحدة راجع لكون بيناتها موحدة بين جميع البنوك و قد أحدثها والي بنك المغرب بموجب منشوره لأسباب عديدة أهمها، توحيد الكمبيالات بين الأبناك لتكون على شكل واحد دون أدنى اختلاف فيما بينها، والسبب الثاني الذي هو الأهم هو حماية المتعاملين بهذه الورقة من أي تزوير أو تزييف أو نصب قد يتعرضون له .
ويجب أن تحرر الكمبيالة الموحدة وفق شاكلة حددها بنك المغرب في قراره رقم LC41/DOMC/07 باللغتين العربية والفرنسية، وتضعها المؤسسات البنكية رهن إشارة زبائنها التجار للتعامل بها أثناء مزاولة نشاطهم، ويتضح على أنها قريبة نوعا ما إلى الشيك، وقد نظم ذلك القرار الخصائص التي يجب أن تتوفر في الكمبيالة الموحدة بشكل عالي الدقة، من قبيل وزن الورقة، نوع الورق المستعمل في إنجاز الكمبيالة الموحدة، طول الورقة، عرض الورقة، وغيرها من المواصفات الدقيقة التي يجب توفرها حتى تكون مقبولة ويمكن إصدارها من قبل المؤسسات البنكية.
و في هذا الصدد نجد أن المادة الثالثة من منشور والي بنك المغرب نصت على مايلي:
يجب على المؤسسات المصرفية تزويد عملائها بالنماذج كمبيالة محررة طبقاً للخصائص الفنية و نموذج الكمبيالة الموحد المعتمد من قبل كيان بنك المغرب مسؤول عن أنظمة ووسائل الدفع.
يتم وضع الكمبيالة الموحدة في لغتين: العربية وفرنسي، مستخدم الكمبيالة حر في حمل الإشارات إلزامي باللغة التي يختارونها.
في حين نصت المادة الرابعة من نفس المنشور على” عندما تستخدم المؤسسات المصرفية مقدمي الخدمة الخدمات الخارجية لإعداد الصيغ المذكورة أعلاه ، فهي مطلوبة
التحقق من مطابقتها للخصائص التقنية والنموذج المشار إليه في المادة 3 أعلاه.
كما نجد أن المادة الخامسة من نفس المنشور نصت على” إجراءات عملية للتبادلات غير المادية للكمبيالات موحدة في إطار نظام التعويض عن بعد للأوراق المالية ، يتم إصلاحها بواسطة لوائح جمعية النظام المغربي بين البنوك التعويض عن بعد.
المطلب الثاني : أوجه الاختلاف والتشابه بين الكمبيالة التقليدية والكمبيالة المنمطة.
الفقرة الأولى: أوجـــــــــــــــــــــه التشابــــــــــــــــــــــــه.
الواضح أن الهدف الأساسي للكمبيالة أو الذي تنشا لأجله الكمبيالة والممثل في وظائفها الأساسية وهي الصرف و الوفاء و الإئتمان أو الضمان، الذي يعتبر من أهم وظائف الكمبيالة على الإطلاق، لا خلاف فيه بين الكمبيالة التقليدية و الكمبيالة الموحدة بالنظر لكونها الوظيفة الأساسية لهذه الورقة التجارية، و بالتالي يبرز لنا أهم تشابه بين الكمبيالة التقليدية و الكمبيالة العادية، كذلك فيمكن إستخلاص أن جميع مميزات الكمبيالة العادية مشابهة لمميزات الكمبيالة الموحدة سواء من حيث ضرورة الكتابة و الحفاظ على الشكليات المتطلبة وفق القانون من ضرورة تسمية الكمبيالة و الأمر الناجز بأداء مبلغ معين من النقود و إسم من يلزمه الوفاء(المسحوب عليه) و تاريخ الإستحقاق ومكان الوفاء و إسم من يجب الوفاء له أو لأمره و تاريخ و مكان إنشاء الكمبيالة و إسم و توقيع من أصدر الكمبيالة(الساحب).
و بالتالي فالراجح أن أغلب خصائص و مميزات الكمبيالة التقليدية او العادية تصلح لأن تكون للكمبيالة الموحدة أو الممنطة و ما يؤكد هذا أن القانون 15.95، يتحدث عن الكمبيالة بشكل عام و لايفرق بين الكمبيالة التقليدية و الكمبيالة الموحدة، و هذا معناه أن جميع المميزات و الشروط و الخصائص التي تحدثنا عنها في شرح الكمبيالة التقليدية تنطبق كذلك الكمبيالة المنمطة، و لعل أهم الفروق هي ماجاء به منشور والي بنك المغرب السالف الذكر و بالتالي فمعرفة أوجه الإختلاف الذي ستنظرق له في الفقرة القادمة كفيل بوضعنا أمام أوجه التشابه طبعا، لأن الخصائص و المميزات و الشروط التي جاء بها المنشور الصادر عن والي بنك المغرب السالف الذكر هي الفروق التي ميزت الكمبيالة الموحدة عن الكمبيالة التقليدية أو العادية.
الفقرة الثانية: أوجـــــــــــــــــــه الاختـــــــــــــــــــــــلاف.
فبالرغم من وجود تشابه بين الكمبيالة الموحدة والكمبيالة العادية المنصوص عليها في مدونة التجارة،إلا أنه توجد اختلافات كثيرة أيضا، لا من حيث شكل الكمبيالة أو مضمونها وهو ما سنتطرق إليه في النقط التالية :
تتمثل نقطة الاختلاف الأولى في كون أن الكمبيالة العادية تباع من طرف المطبعات وكذا في المحلات المخصصة لبيع التبغ، حيث بإمكان لأي شخص أن يقوم بإصدار الكمبيالة الأمر الذي نتج عنه انعدام الثقة أثناء التعامل بها، وضعف قيمتها كوسيلة أداء وائتمان، أضف إلى ذلك سهولة تزويرها وكذا الاحتيال بواسطتها، الأمر الذي دفع بنك المغرب إلى إعطاء الحق للمؤسسات البنكية لإصدار الكمبيالات الموحدة.
وطبقا للمادة 159 من مدونة التجارة يتبين لنا أن الساحب هو من يبادر إلى إنشاء الكمبيالة ومن ثم القيام بملئها وتقديمها للمسحوب عليه من أجل قبولها، أما فيما يتعلق بالكمبيالة الموحدة فإن الأطراف تختلف فالساحب هو المدين حيث يبادر إلى إصدار الكمبيالة الموحدة وتكون المؤسسة البنكية هي المسحوب عليه حيث تقوم بدفع المبلغ المتضمن في الكمبيالة إلى المستفيد من حساب زبونها الذي هو الساحب، هذا وتسلم المؤسسة البنكية لزبونها دفتر الكمبيالات حسب الحجم الذي يناسبه إما 10- 25- 50- 100 ورقة من الكمبيالة الموحدة .
الكمبيالة العادية تملأ بواسطة خط اليد، أما الكمبيالة الموحدة فهي تصدر متضمنة للبيانات المتعلقة بالساحب، كالاسم والعنوان والمدينة التي يقطن فيها ورقم الحساب، كما تتضمن أيضا المعلومات الخاصة بالمؤسسة البنكية كالتسمية والعنوان.
من بين أوجه الاختلاف أيضا الأمر بالدفع حيث يأمر الساحب المؤسسة البنكية بتحويل مبلغ الكمبيالة إلى المستفيد، في حين أن الكمبيالة العادية يأمر الساحب المسحوب عليه الذي هو مدينه بدفع المبلغ للمستفيد .
وفيما يتعلق بالشكل، فإنه لم يسلم بدوره من الاختلاف، حيث الكمبيالة العادية يختلف شكلها وحجمها من مطبعة لأخرى، أما بخصوص الكمبيالة الموحدة فإن شكلها وحجمها وطولها وعرضها ووزنها محددا بين جميع الأبناك .
الكمبيالة العادية يمكن أن تصدر من التاجر أو من غيره لأنها متاحة للعموم، أما الكمبيالة الموحدة محصورة على التجار فقط، فبعد صدور قرار بنك المغرب فإنه قنن من استعمالها وحتم على المسحوب عليه الإدلاء بشهادة التقييد في السجل التجاري أو شهادة تثبت ممارسته للتجارة للمؤسسة البنكية حتى يتسنى له الحصول على الكمبيالات الموحدة .
من بين مميزات الكمبيالة الموحدة هو إنفرادها برقم خاص يميزها عن غيرها من الكمبيالات الموحدة، وهذا ما لا نجده في الكمبيالات العادية .
وفيما يتعلق بتوقيع الأطراف فنجد في الكمبيالة الموحدة أن هناك مكانين للتوقيع من طرف الساحب، مكان في الأمر بالدفع والآخر في القبول، أما بخصوص المستفيد فإنه يوقع في الخانة المخصصة له، وفي ظهر الكمبيالة، أما بالنسبة للكمبيالة العادية المنصوص عليها في مدونة التجارة، يوقع كل منهما توقيعا واحدا.
قبل سنة 2007 كان كل ممثل عن شركة بنكية يتوجه إلى بنك المغرب مصاحبا معه الكمبيالات التي تلقتها المؤسسة التابع لها على أن يتم تداولها داخل قاعة تسمى “تبادل القيم” حيث تقوم المؤسسات البنكية بتبادل الكمبيالات فيما بينها، ومراعاة للنشاط التجاري الذي يتسم عموما بالسرعة والحركة الدؤوبة تم ابتكار طريقة أكثر فاعلية تتمثل في نقل صورة الكمبيالة للمؤسسة التي أصدرتها بشكل إلكتروني، على أن تقوم المؤسسة المتلقية بالرد إما بالقبول وتحويل المبلغ المتضمن في الكمبيالة أو الرفض بسبب عدم وجود النقود في الحساب، ويتم الأداء بواسطة هذه الطريقة داخل أجل 48 ساعة.
نص المشرع من خلال الفقرة الأولى من المادة 163 من مدونة التجارة على أنه : “إذا حرر مبلغ الكمبيالة بالأحرف والأرقام في آن واحد يعتمد المبلغ المحرر بالأحرف عند الاختلاف…” وبخصوص الكمبيالة الموحدة في حالة ما إذا وقع الاختلاف بين المبلغ المكتوب بالأرقام والحروف فإن المؤسسة البنكية ترفض استيفاء الكمبيالة بحجة عدم التطابق بين المبلغ المكتوب بالحروف والأرقام .
يعتبر شرط الرجوع بدون مصاريف بيانا اختياريا في الكمبيالة العادية الواردة في مدونة التجارة، في حين أصبح هذا الشرط إلزاميا في الكمبيالة الموحدة.
خاتمـــــــــــــــــة
بناء على ما وقفنا عليه في هذا حول مفهوم الكمبيالة الموحدة وأوجه الاختلاف و التشابه بينها وبين الكمبيالة العادية، يتبين لنا مدى حرص بنك المغرب على جعل الكمبيالة الموحدة أكثر ضمانا وبالتالي تشجيع التجار على التعامل بها بكل طمأنينة لاسيما وأن المؤسسة البنكية هي من تتولى إصدارها بالإضافة إلى الحماية القانونية التي يتمتع بها الحامل من خلال قانون الصرف، و الواضح أنه لولا أن بنك المغرب جعل من بين شروط التعامل بالكمبيالة الموحدة ضرورة التوفر على الصفة التجارية و بالتالي ضرورة التسجيل في السجل التجاري، و بالتالي بقيت الكمبيالة العادية أو التقليدية من إختصاص الخواص، لكنا أمام نهاية الكمبيالة العادية أو التقليدية بالنظر للامتيازات الإضافية التي توفرها الكمبيالة الموحدة من حيث الضمانات.