مقــــــــــــدمــــة:
بمأن المغرب يعيش مرحلة التجدد و التطور على مجموعة من الأصعدة التنموية، فإن القوانين بدورها لها أثـــر كبير في المساهمة في التنمية الشاملة و المستدامة، و الحقيقة أنـــه إذا ما أمعنا النظر فسنجد أن المشروع التنموي الشامل يخضع لمنطق التأثير و التأثر، فكل إصلاح يؤثر في الإصلاح الأخر و تعديل القوانين لها تأثيرات متداخلة فيما بينها، لكنها تعطينا في الأخير مشروعا تنمويا متكاملا، حينما تكون الإصلاحات و التعديلات القانونية تتم في إطار من الإندماج و التنسيق و الإرادة السياسية الصادقة، و مـــدونة الأسرة المغربية من القوانين الاجتماعية التي تعتبر من أكثر القوانين التي تثير الكثير من الجدال و النقاش و الإختلاف، لكونها ترتبط بالمجتمع و بمصير الأفراد في كثير من الأحيان، لأن الإرتباط و إستمرار النسل يعتبر سنة من السنن الكونية التي جبل الإنسان عليها، إلا أن هـــذا الإرتباط الأسري خاصة فيما يتعلق بمسألة الزواج، فإنه يثير في كثير من الأحيان العديد من المشاكل و النزاعات و الصدامات الاسرية و المجتمعية بشكل عام، و الأسرة التي تعتبر نواة المجتمع إذا لــم تكن تعيش نوعا من الثبات و الاستقرار، فإن تأثيراتها السلبية تنتقل إلى المجتمع و الدولة عامة، لهذا فإن تعديل قانون الأسرة يعتبر من أهم التعديلات التي من شأنها المساهمة في تحقيق التنمية و الاستقرار في الدولة، و قــد بينت الممارسة الواقعية بأن مدونة الأسرة الصادرة سنة 2004 نتج عنها جمـــلة من المشاكل و الإكـــراهات، و لعل ظاهرة ارتفاع نسب الطلاق بشكل قياسي يبين هذا بجلاء، و غيرها من الإكراهات الأخرى، و لعل هذا ما جعل جلالة الملك محـــمد السادس في خطابه حول مدونة الأسرة، يشدد على أن مدونة الأسرة ليست خاصة بالمرأة ولا بالرجل، بل هي للأسرة بأكملها، مؤكدًا على أهمية التوازن في منح الحقوق لكلا الجنسين ورعاية مصالح الأطفال، و قـــد أكد الملك أيضًا على الضرورة القصوى للالتزام بالتطبيق الصحيح والكامل لمقتضيات القانون، مع مراجعة الأجزاء التي قد تكون قد انحرفت عن أهدافها الأصلية، وأكد على أن هذا سيتم وفقاً لمقاصد الشريعة الإسلامية وخصوصيات المجتمع المغربي، مع التأكيد على أنه كأمير للمؤمنين، لن يحل ما حرم الله ولن يحرم ما أحله الله، ليعلن خلال أواخر سنة 2023 على تعيين لجنة لتعديل مدونة الأسرة مكونة من وزير العدل و رئيس النيابة العامة و رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، و دعاهم بدورهم لأشراك القطاع الوزاري للأسرة و المجلس العلمي الأعلى و المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ممـا يفيد أن تغيير مدونة الأسرة أصبح ضرورة ملحة و لا مـــفر منها لأن الممارسة التطبيقة أبانت مجموعة من المشاكل أبرزها كثرة الطلاق و ظاهرة زواج القاصرات، و مشكلة إقتسام الأموال بعض الزواج، و إشكالية النفقة التي أفرزت لنا العديد من النساء المتمكنات ماديا و رغم أنهن من يقعن الطلاق و بدون أسباب معقولة فإنهن يحصلن على النفقة و الحضانة، بالإضافة إلى إشكالية المتعة التي تمنح للمرأة في حالة الطلاق، حيث أضحت مبالغ المتعة خيالية و ليست بمقدرة الرجل، إستنادا إلى المستوى المعيشي العام، دون ننسى ظاهرة غلاء المهور، رغم وجود الحديث القائل “أنّ أقلهن مهرا أكثرهن بركةً” بالإضافة إلى إشكالية النيابة الشرعية و غيرها من النقاط المتوقع تعديلها بالنظر للجدل الذي أثارته (المبحث الأول) ثم سنحــــاول بعض ذلك وضع توصيات من شأنها المساعدة في تحقيق التعديل المنشود، ناهيك عن وضع بعض التقنيات و البرامج و الأدوات التي من شأنها المساعدة في جعل المجتمع يتقبل التغيير المتوقع رغم مواجهته لـــه في بداياتها، بمعنى كيف يتأقلم معه و يؤمن بالإختلاف و الديمقراطية و حقوق الإنسان و الشريعة الإسلامية(المبحث الثاني).
المبحث الأول: تـــوقعات التعـــديـــــــــــــلات المستقبليــــــــــة.
مما لا شك فيك أن النقاط الخلافية و التي سبق و أن تحدثنا عنها و التي تعرف أو تعيش على وقع مجموعة من الإشكالات التطبيقية هي النقاط المتوقع أن يتم تعديلها و التي ستأخذها اللجنة المعينة لإعداد مسودة لتعديل مـــدونة الأسرة بعين الإعتبار، و هناك في هذا الصدد العديد من النقاط أهمها الطلاق و الزواج و المهر و المتعة و الحضانة و الإرث و النيابة الشرعية و النسب و ثبوت الزوجية و النفقة و إقتسام الأموال و زواج القاصرين و التعدد( المطلب الأول)، كما أن هذه النقاط الخلافية و التي يثار حولها الكثير من النقاش و الجدل حول الطريقة المرضية لجميع شرائح المجتمع فإن الطريقة التي ستخرج بـــها من المحتمل أن تكون مرضية لعينة ما و غير مرضية لعينة أخرى و هذا ما سيأثر على المجتمع المغربي إما إيجابا أو سلبا، و بالتالي فإن هذه التأثيرات من المحتمل أن ينتج عنها ردود فعل في حدود معينة يجب على الدولة إعمال كل الأليات الممكنة لإحتوائها (المطلب الثاني).
المطلب الأول: المجالات المتوقع تعديلهــــــــــا
تتمتع مدونة الأسرة بأهمية بالغة في تنظيم العلاقات الأسرية وتوفير الحماية القانونية لجميع أفراد الأسرة، و بالتالي فالحاجة إلى تقييم وتعديل بعض أحكامها تظل محوراً رئيسياً في النقاش القانوني والاجتماعي الحالي، و في هذا السياق، تأتي دراستنا هذه لتسلط الضوء على بعض الجوانب التي قد تتطلب التعديل في مدونة الأسرة، حيث سنقوم بقراءة تحليلية للنقاط التي قد تستدعي تعديلًا في المدونة، معتمدين في ذلك على دراسات ميدانية وأراء الخبراء القانونيين والاجتماعيين، و نقاشات و كتابات مختلف المؤثرين و الكتاب(الفقرة الأولـــى)، ثم سننتقل إلى استكشاف الأسباب والمبررات التي تجعل التعديلات ضرورية، مع التركيز على التغيرات الاجتماعية والتطورات القانونية الجديدة التي تستدعي تحديثًا في بعض أحكام مدونة الأسرة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: قراءة في النقاط المحتمل تعديلهــــــا.
لقد برز في الساحة المغربية جدال كبير بخصوص مجموعة من النقاط التي يرى المجتمع المغربي أنه يجب أن يطالها التغيير على مستوى مدونة الأسرة المغربية، و قد برز هذا السجال على مستوى الواقع و منصات التواصل الاجتماعي،و بناء عليه وجه العاهل المغربي الملك محمد السادس مساء يوم الثلاثاء 26 شتنبر 2023 رسالة إلى رئيس الحكومة المغربية تتعلق بإعادة النظر في مدونة الأسرة ، و بحسب بلاغ الديوان الملكي، فقد تم إسناد الإشراف العملي على إعداد ملف تعديل مدونة الأسرة بشكل جماعي و مشترك، لكل من وزارة العدل و المجلس الأعلى للسلطة القضائية و رئاسة النيابة العامة، و قد دعا البلاغ إلى إشراك هيئات أهمها، المجلس العلمي الأعلى، و المجلس الوطني لحقوق الإنسان، و السلطة الحكومية المكلفة بالتضامن و الإدمــــاج الإجتماعي و الأسرة، مع الإنفتاح على هيئات و فعاليات المجتمع المدني و الباحثين و المختصين، و ضرورة رفع مقترحات التعديل التي ستنبثق عن هذه المشاورات التشاركية الواسعة، إلى المؤسسة الملكية في أجل أقصاه ستة أشهر، و ذلك قبل إعداد الحكومة لمشروع قانون في هذا الشأن، و عرضه على مصادقة البرلمان، و قد إحتدم النقاش الإجتماعي بين من يرى بضرورة إقرار المساواة بين الرجال و النساء، معتبرا أن النساء يطالهم حيف كبير، و بين من يرى أن الرجل يجب أن تعاد له هيبته ووقاره التي بدات تمحى بفضل مدونة الأسرة التي يعتبرونها مدونة للمرأة فقط، كونها لم تترك أي حق يمكن أن يستفيد منه الرجل، بل أثقلته بمجموعة من الإلتزامات التي لا طاقة له بها لوحده، و يتجلى التضارب الحاصل بهذا الخصوص في مجموعة من النقاط تدخل في نطاق مبدأ المساواة بشكل عام و هي إما مساواة تدخل ضمن خانة المساواة في الحقوق الاقتصادية و المالية(أولا)، أو غيرها من الحقوق الأسرية الأخرى، التي يمكن أن تندرج إما ضمن(الزواج، الطلاق، الحضانة، الكفالة، النيابة الشرعية، النسب، زواج القاصرين، ثبوت الزوجية (ثانيا)
أولا: المساواة في الحقوق الاقتصادية و المالية
إن أهم ما يمكن الحديث عنه في سياق الحقوق الاقتصادية و المالية على ضوء مدونة الأسرة المغربية لا يخرج على نطاق النفقة و المتعة و كيفية إقتسام الأموال، ثم الإرث، بالنظر لرابطة الزوجية التي تجعل الأزواج يتوارثون، و يعتبر موضوع المساواة في الحقوق المالية و الاقتصادية من أكثر المواضيع إثارة للجدل، و التي تعتبر من العناصر التي يتوقع تغيير بعض مضامينها خلافا لما هي عليه وفق مدونة الأسرة المغربية الحالية، و سأعمل على تناول النقاط السالفة الذكر كالتالي:
أ-المساواة في الإنفاق و إقتسام الأمـــوال:
أصبح موضوع نفقة الأزواج على زوجاتهم محل جدل و نقاش غزى المواقع و المنتديات و حتى البيوت المغربية، على الرغم من أن هذا الموضوع كان محسوما فيه بالدليل من القرءان الكريم بالإستناد إلى أيات من القرءان الكريم يقول الله تعالي ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ ، و يقول سبحانه و تعالى وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ” ، ثم أية أخرى يقول فيها عز و جل ” أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِن وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ”
و من جانب أخر نجـــد أن مدونة الأسرة المغربية نصت في الفصل 194 من مدونة الأسرة على “تجب نفقة الزوجة على زوجها بمجرد البناء، و كذا إذا دعته للبناء بعد أن يكون قـــد عقد عليها.
فمن خلال ما سبق يتضح بجلاء أن نفقة الزوجة واجبة على الزوج سواء من حيث الفقه أو مضمون النص القانوني، لكن ما الذي تغير ليطفو نقاش المساواة في الإنفاق على الأسرة و الأطفال، بعـــد أن كان أغلب الرجال يرون أن دورهم الأساس يتمثل في الإنفاق على الأسرة.
في محاولة منا للجواب على ما سبق، فالدافع الأساسي يتمثل في الخروج الغير مسبوق للنساء إلى سوق الشغل و ارتفاع الأسعار و تزايد الإحتياجات الأسرية التي أثقلت كاهل الرجل، لأنه و ببساطة إذا ما قارنا المستوى المعيشي الحالي مع الأجور التي يتقاضاها سواء العمال أو الموظفين فإنه أصبح من المستحيل على الرجل تحمل كامل النفقات لوحده، علما أنه في السابق لم تكن النساء تلجن سوق الشغل بالكيفية الحالية، حيث إكتسحت النساء مجموعة من الميادين و القطاعات، مما جعل حظوظ الرجل المسؤول عن تكوين أسرة منعدمة في العديد من الحالات، فهل يعقل إذن أن يحرم الرجل من الشغل بنسب كبيرة، و في نفس الوقت تظل النفقة واجبة عليه لوحده، و هذا الطرح يمثله جانب كبير من أصحاب الدعاة إلى المساواة الذين يرون التساوي يجب أن يشمل كل شيء بما فيه الإنفاق بالتساوي بين الزوجين على الأسرة.
و من جهة أخرى يوجد تيار أخر يدافع عن ضرورة إقرار المساواة في الإنفاق بين الزوجين، لكن وفق تبرير ديني محض، حيث يرى هذا الجانب أن إلزامية الإنفاق على المرأة مرتبطة وجودا و عدما بضرورة طاعة الزوج، إستنادا للأية الكريمة لله عز و جل، حيث يقول الباري المتعالي “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ”
و أن السبب الحقيقي لإلزام الله عز و جل الرجل على الإنفاق على الزوجة هو ضرورة طاعتها، علما أن مفهوم الطاعة في الوقت لم يعد له وجود، حيث أضحينا نرى أنه في العديد الأحيان أصبح التحدث عن الطاعة بمثابة جهل و تخلف، و أن الزمن الطاعة، و أن المرأة العصرية من حقها أن تعيش بالطريقة التي تراها مناسبة لــــها، و ليست ملزمة بالإمثتال لأوامر الزوج، لأن الطاعة وفق المفهوم التقليدي كانت تتجلى في أنه من حق الزوج أن يأمر زوجته بأن لا تعمل مثلا و هذا حقه، و أن خروجها من المنزل يكون بناء على طلبها من الزوج الخروج، و مما يؤكد هذا التوجه نجـــد: حديث رواه البخاري ومسلم، ويقول فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
“لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق”.
و هـــذا الحديث يبين بجلاء أهمية طاعة الزوجات لأزواجهم، لما لهن من حقوق على الرجل واجب توفيرها.
أما في العصر الراهن فقد إختلط الحابل بالنابل، وتغيرت الأوضاع و حتى العقليات، و أمام هذا الوضع المتشابك فإنه أضحى لزاما تعديل مواد مدونة الأسرة المرتبطة بالنفقة بما يتماشى و الدين الإسلامي الحنيف، لأن إنفاق الزوجة على نفسها و إقتسام مداخيلها مناصفة بينها و بين الزوج ليس فيه مـــا يخالف الدين، لعدة إعتبارات يمكن إجمالها أولا في الإقتداء بأمنا خديجة رضي الله عنها الزوجة التي كانت تملك التجارة وكانت تنفق على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد كانت خديجة كانت سيدة أعمال ثرية في مكة قبل الإسلام، وكانت تدير تجارتها الخاصة التي تعد من أنجح التجارات في قريش.
بعد أن تزوجها النبي محمد، استمرت خديجة في دعمه ماليًا ومعنويًا، خاصة في السنوات الأولى من نزول الوحي، حيث كان دعمها له حاسمًا في مواجهة التحديات التي واجهها، لقد كانت خديجة رضي الله عنها أول من آمن بالرسالة التي جاء بها الرسول وقدمت له كل الدعم اللازم لنشر دعوته.
و من الأمور التي تستدعي كذلك تعديل مواد مدونة الأسرة المتعلقة بالنفقة نجــــد كذلك مفهوم الطاعة، الذي يبدو أنه إندثر و لم يعــد له وجود، و بالتالي و مادامت العلاقة الزوجية تعتبر قائمة على التعاون و المودة و الرحمة، فإنه لا يعقل أن يشقى الرجل خارج البيت مثلما تشقى المرأة تماما، في حين أن الرجل ملزم بتوفير مداخليه على الأسرة بينما الزوجة غير ملزمة، بل غير ملزمة حتى بأشغال البيت، علما أن الزوجة بسبب العمل تكون متعبة و بالتالي لن تستطيع حتى إن أرادت ذلك القيام بأشغال البيت، و بالتالي و مادامت العلاقة الزوجية تقوم في أساسها على تحمل المسؤولية بشكل مشترك بين الزوجية، فإن مسؤولية الإنفاق على الأسرة من الأمور التي يتم الدعوة إلى تعديلها بشكل ملح، و الظاهر أنها تدخل ضمن خانة الأمور المقترح تعديلها، و عليه فإن أي تعديل بهذا الخصوص يجب أن يراعي التطور الذي عرفه المجتمع مع ضرورة الحفاظ على ركائز دين الإسلام الحنيف.
و تعتبر مسألة إقتسام الأموال التي يتم الحصول عليها بعد الزواج، من أكبر النقاط المعروضة للنقاش و التي يتوقع إضفاء تعديلها أو إلغاء الصيغة الحالية و المختصرة في المادة 49 من مدونة الأسرة،
و الواضح أن هذه المادة لم يتم التعاطي معها بالشكل الكافي أو لم يتم الإعتماد عليها، حيث أنه من النادر ما تجد أن الأزواج يلجؤون إلى تضمين الاتفاق على كيفية إستمثار الأموال في وثيقة مستقلة، و ما الجدل المثار حول هذه النقطة يتمحور بالأساس بأحقية المرأة من الإستفادة من نصف أموال الزوج في حالة الطلاق، على أن تحتفظ الزوجة الحاضنة ببيت الزوجية مع الأطفال، و الحقيقة و في نظرنا المتواضع أن هذا التوجه المثار بشكل قوي من طرف الجمعيات النسوي، يعتبر ضالما للرجل بشكل كبير و على جميع المستويات، فإذا ما وضعنا مقارنة ببعض الدول الأوربية التي تدون هذا المنطق في نصوصها الأسرية، فنجد أن مسألة إقتسام الثروة تكون بالتساوي بين الرجل و المرأة، بمعنى حتى الزوجة سيتم إقتسام أموالها التي تم تحصيلها بعد الزواج إن كان لها أموال، في حين فالنقاش الدائر في المغرب يتحدث فقط عن إقتسام أموال الزوج، لأن هذا التصور في نظرنا سيؤدي إلى عزوف كبير عن الزواج مخافة أن يخسر أن الزوج أموالها التي تعب عليها أو ورثها بسبب عقد الزوجية، و من شأن هذا أن يجعله غير قادر على بناء حياته مرة أخرى، لأن أموالها ستكون قد ضاعت سدى و من الصعب إرجاعها، كذلك فإن هذا التوجه إذا ما تم العمل به وفق هذه الصيغة فهو يدخل في خانة الإغناء الغير مشروع، كذلك فهذا المنطق سيجعل النساء يلجؤون إلى مسطرة التطليق بشكل كبير.
و لهذا فإنه يجب مراعاة التوازان و المساواة بين الرجل و المرأة، حيث يجب على المرأة كذلك أن تتحمل المسؤولية في هذا السياق و أن تكون ملزمة بدورها مناصفة مع الرجل في خسارة نصف أملاكها، أو أن يتم الإستمرار وفق منهج الذمة المالية المستقلة، لأن هذا من شانه كذلك المساعدة على التقليل من حالات الطلاق و التشجيع على الزواج.
ب- المتعــــــة:
لقد تعددت التعريفات في تحديد مفهوم المتعة اصطلاحا إلا أنها كانت متقاربة في المعنى، إذ عموما هي ما يعطيه الزوج لزوجته عند الطلاق جبرا لخاطرها، وتعويضا لها عما يمكن أن يلحقها من ضرر، وسببه هو الإيحاش الذي يسببه الزوج لزوجته بمفارقته لها، وسميت متعة لأن المطلقة تتمتع بها، أي تنتفع بها قليلا أو كثيرا، وذلك العطاء من مال أو عوض يكون عادة من الثياب التي تلبسها المرأة للخروج، وهو ما قال بـه كثـير مـن الفقهـاء، حيـنما قـالوا بـأن المتعة هي الثياب التي تكسى بها المرأة عند الخروج حسب العرف ، وإن كان الواقع العمـلي يقـدر المتعـة بمبلـغ مـالي عموما .
فالواضح من هذا التعريف أن المتعة فرضت لجبر خاطر المطلقة وتخفيف هول الصدمة عنها باعتبار أنهـا لم تحظ كغيرها من النساء بحقها في رابطة زوجية دائمة، كما تعتبر إعانة مالية رمزية للمطلقة تضاف إلى نفقات أخرى
و المتعة في الشريعة الإسلامية، وذلك انطلاقا من آيات قرآنية، كقوله تعالى “لا جناح علـيكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة، ومتعوهن على الموسع قدره، وعلى المقـتر قـدره متاعـا بـالمعروف حقا على المحسنين” ، وقوله تعالى “يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فمالكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا” ، وقوله تعالى “وللمطلقات متاع بـالمعروف حقـا عـلى المتقين”
و قد نصت المادة 84 من مدونة الأسرة على أن” :تشمل مستحقات الزوجة : الصداق المؤخر إن وجد, ونفقة العدة, والمتعة التي يراعى في تقديرها فترة الزواج, والوضعية المالية للزوج ,وأسباب الطلاق, ومدة تعسف الزوج في توقيعه.
أما بالرجوع للقضاء للمغربي فأنه جاء بإجتهاد قضائي يقوم على عدم إستحقاق الزوجة للمتعة إذا كانت هي من أوقعت الطلاق، حيث جاء في القرار الصادر عن محكمة النقض عدد 433 في الملف عدد 2009/1/2/623 المؤرخ في 21 شتنبر 2010: ” أنه بمقتضى المادة 84 من مدونة الأسرة فإن المتعة إنما يحكم بها في حالة الطلاق أو التطليق الذي يتم بطلب الزوج والمحكمة لما حكمت لها بالمتعة رغم أنها طبت الحكم لها بالتعويض ودون أن تحدد مسؤولية الفراق لترتب على ذلك التعويض المستحق لها عند الاقتضاء فإنها تكون قد خرقت المادة المحتج بها وعرضت قرارها للنقض جزئيا فيما ذكر” و العكس عندما يكون الزوج هو من أوقع الطلاق، و الملاحظ في هذا الصدد أن الأحكام التي تصدر بهذا الخصوص، تمنح للزوجة مبالغ ضخمة، إستندا إلى مدة الزواج و الوضعية المالية للزوج، علما أن مبالغ المتعة في بعض الأحيان تصل إلى أرقام خيالية إذا ما كان الزوج ميسورا و مدة الزواج طويلا، و هــذا الوضع يبدوا أنه من الأسباب التي أدت إلى ارتفاع حالات الطلاق و عزوف الرجال عن الزواج، لأنه لا يوجد أي مبرر لحصول الزوجة على هذه المبالغ فقط فيما يخص المتعة، و يعتبر هذا الموضوع من الأمور الموضوعة لأجل مراجعتها من طرف اللجنة المعينة لذلك، و عليه فإن المتعة وفق الصيغة الجديدة لمدونة الأسرة المتوقعة نرى ضرورة تخفيفها أو إلغائها بشكل كلي، إلا في حالة وجود تعسف واضح و مثبوت من طرف الزوج تستحق عليه الزوجة التعويض، و الذي يمكن أن يدخل في خانة المتعة، و ذلك بالإعتماد على بعض التجارب المقارنة التي لا تنص قوانينها على المتعة لكن تعوضه بما يسمى التعويض في حالة التعسف، و هناك دول أخرى سايرت التوجه المغربي.
و في هذا السياق نجـــد: أن المشرع المصري أخد بالمتعة تأثرا بالمذهب بالشافعي، حيث أوجبها للمطلقـة بعـد الـدخول إن لم تكن الفرقة منها أو بسببها، وهو قول لأحمد اختاره ابن تيمية، كما أخد بها مذهب أهل الظاهر وهو قول لمالك أيضا .
وهو نفس ما ذهب إليه المشرع السوري الذي نص في المادة 61 فقرة 2 من قانون الأحـوال الشخـصية عـلى أنه إذا وقع الطلاق قبل الدخول والخلوة الصحيحة فعندئذ تجب المتعة وهو قول الحنابلة.
إلا أن ما يهمنا هنا هو أن هذه التشريعات تكلمت عن المتعة دون أن تضيف إليها ما يسمى بالتعويض، في حين نجد بعـض التـشريعات الأخـرى أوردتهـا تحـت مـسمى التعـويض دون أن تتطـرق للمتعـة، كالتـشريعين الأردني والكويتي، إذ جاء في المادة 134 من قانون الأحوال الشخصية الأردني أنه “:إذا طلق الـزوج زوجتـه تعـسفا كـأن طلقهـا لغير سبب معقول، وطلبت من القاضي التعويض، حكم لها على مطلقها بالتعويض الذي يراه مناسـبا ….ولا يـؤثر ذلـك على باقي الحقوق الزوجية الأخرى للمطلقة بما فيها نفقة العدة، وعلى هذا سار المشرع الكويتي.
ج- المساواة في الإرث:
يعتبر موضوع الإرث من المواضيع الشائكة التي عرفت نقاشات مطولة و حادة، و من المواضيع المطروحة بقوة على لجنة مراجعة مدونة الأسرة، حيث نجد أن العديد من الجمعيات النسوية تطالب بجعل الإرث متساويا بين الرجال و النساء علما أن الآية رقم 11 من سورة النساء تقول: “يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا”
فوفقًا لهذه الآية، يتم توزيع الميراث بناءً على نصيب كل فرد من أفراد الأسرة، إذا كان الورثة متعددين، يتم توزيع الميراث بالتساوي بين الذكور والإناث، والذكر يحصل على نصيب مثل نصيب اثنتين من الإناث، إذا كان هناك أبناء من الزوجة الواحدة فقط، فإن الزوجة الواحدة تحصل على نصف الميراث، ويتم توزيع جزء صغير من الميراث لأبوي الفقيد.
و على الرغم من وجود نصوص قرآنية واضحة في هذا الشأن إلا أن العديد من التيارات التابعة للجمعيات النسوية تطالب بتغييره و جعل الإرث بالتساوي بين الرجال و النساء، علما أن الإسلام لم يضـع اعتبـارا للـذكورة والأنوثـة كـما يظن البعض من أن الإسلام يميز بين الذكر والأنثى، فهذا عـدم فهـم لمنهج الإسلام في توزيع الميراث، فقد تأخذ البنت أو الأنثى أكـثر من الذكر أو الولد في الميراث، فمثلا لو مات المورث وترك بنتا وابن ابن فالبنت تأخذ النصـف فرضـا، والولد لابن الابـن يأخـذ البـاقي تعصـيبا، فهـي تسـاويه في المـيراث، وإذا مـات المورث وترك بنتا وأختا شـقيقة وابـن أخ، فـلا شيء لابـن الأخ لأن البنـت تأخـذ النصــف والأخــت الشــقيقة تأخــذ البــاقي تعصــيبا، إذ إن الأخــوات مــع البنــات عصبات، ولا شيء لإبن الأخ ؛ لأنه محجوب بالأخت الشقيقة، وعلى هذا فإنه لا يوجد اعتبار للذكورة أو الأنوثة في الميراث وإنما الاعتبار لدرجة القرب من المورث، ومن جانب أخر فإن هذا التنصيص القرآني له ما يبرره خاصة و أن الرجل هو الملزم بالإنفاق على الأسرة و بالتالي فإن هذه المسؤولية لوحدها تخول له هذا الحق، لأن ممارسة هذه المسؤولية تتطلب وجود مورد حتى تستطيع إعمالها، و المرأة على الرغم من ولوجها إلى سوق الشغل من أوسع أبوابه فهي غير ملزمة بالإنفاق، و إنما يمكنها أن تساعد الأسرة إن أرادت ذلك، و عليه فإن هناك فرق كبيرا بين أن تكون ملزما و تحاسب على التقصير الممكن أن يصدر منك و بين أن تكون مخيرا، و بالتالي فالتقسيم الذي وضعه القرءان للإرث يبين الحكمة الربانية الممثلة في أنه منح للرجل هذا الحق في مقابل إلزامه بمسؤوليات أكبر منه، وهذا يبين ذلك التوازن الدقيق بين حق النفقة والميراث، فكلما كانت النفقة واجبة على الوارث كان نصيبه في الميراث أكبر.
ثانيا: المساواة في الحقوق الأسرية الأخرى
أ-النيابة الشرعية:
إن المرمى من تفعيل النيابة الشرعية في الفقه المالكي ثم بعده في مدونـة الأسرة هـو لغايـة عظيمـة و حكمـة جليلة فالشخص المحجور هو شخص غير مكتمـل الادراك و التمييـز امـا طبيعيـا بحكـم صـغر السـن و عـدم اكتمال نضوجه الفيزيولوجي او بسبب بعض العوارض لاخرى الطارئـة كفقـدان العقـل او السـفه او العتـه و النقطة المشتركة بين هذه العوارض هي انها تعـدم الاهليـة و تجعـل مـن التصرفـات باطلـة وغـير منتجـة او تنقص من الاهلية فتجعل التصرفات الضارة او المتراوحة بين النفع و الضرر باطلـة في الحالـة الأولى و متوقفـة على اجازة النائب الشرعي في الحالة الثانية ، أما التصرفات النافعة فهـي صـحيحة نافـدة تجـاه المحجـور غـير معلقة على اجازة النائب الشرعي.
إن النائب الشرعي كمصطلج جديد يرد به كل من يتولى النيابـة القانونيـة عـن عـديمي الأهليـة و ناقصـيها و هكذا فالنيابة الشرعية وفقا للمادة 231 تشمل ستة أشـخاص و هـم الأب و الأم و وصي الأب و وصي الأم ثـم القاضي و مقدم القاضي، و انطلاقا من هذا فالولاية تضم الأب ثم الأم وفقا لهـذا الترتيـب حيـث الأب الراشد يعد هو الولي على اولاده بحكم الشرع مالم يتم تجريده بمقتضى حكم قضائي ولـيس هنـاك مـا يمنـع الأم مـن القيام ببعض المصـالح المسـتعجلة التـي لا تتحمـل الانتظـار في حالـة وجـود مـانع بالنسـبة لـلأب كمرضـه أو سفره، كذلك يشترط لولاية الأم على أولادها ان تكون راشدة و عدم وجود الأب إما بسبب الوفاة أو الغياب أو فقدان ألاهلية أما الوصاية فيمكن للأب ان يعين وصيا على الولد المحجور أو الحمـل و لـه أن يتراجـع عـن إيصـائه و بمجـرد وفاته تعرض الوصية على القاضي للتحقق منها و تثبيتها، كذلك يمكن الأم تعيين وصـيا عـلى الولـد المحجـور و يمكنها التراجع على إيصائها متى شاءت و عند وفاتها تعرض الوصية عـلى القـاضي للتحقـق منهـا و تثبيتهـا، و يشترط في الوصي سواء كان من طرف الأب أو الأم أن يكون كامل الأهلية حازما ظابطا أمينا و يمكن للمحكمة اعتبار الملاءة شرط كذلك، إلا أنه في بعض الاحيان قد يوجد وصي الأب مع الأم ففي هده الحالة الولاية تكـون لها الاولوية عن لوصاية و بالتالي يقتصر دور وصي الأب عـلى تتبـع و مراقبـة تـدبير الأم لشـؤون المحجـور و يمكنه لجوء إلى القضاء عند الحاجة.
و في حالة عدم وجود الأب او الأم أو الوصي يمكن للمحكمة تعيين مقـدما يشـترط فيـه هـو الأخـر ان يكـون كامل الأهلية حازما ظابطا امينا و يمكن للمحكمة اعتبار الملاءة شرط كذلك، و تختار المحكمة المقدم الأصـلح من العصبة وفي حالة عدم وجود من يصلح منهم للتقديم تختار المحكمة احد من الأقارب او حتـى مـن غـير الاقارب اذ اقتضت مصلحة المحجور ذلك، بل يمكـن للمحكمـة ان تشرك شخصـين فـاكثر في التقـديم او تعـين مقدما مؤقتا عند الحاجة، و لئن كانت الغاية هي الحفاظ عـلى مصـلحة المحجـور فقـد اجـازت مدونـة لاسرة لطالبي الحجر او الاقارب او لكل من له مصلحة الترشح لدى المحكمة للممارسـة مهمـة المقـدم حيـث تقـوم
المحكمة بإحالة ملف الترشح حالا إلى النيابة العامة لإبداء رأيها داخل اجل لا يتعـدى 15 يومـا عـلى ان تبـث المحكمة في الموضوع داخل اجل لا يتجاوز 15 يوما من تاريخ التوصل برأي النيابة العامة اذ ان هـذه الاخـيرة تقوم بالبحث و التقصي عن وضعية المترشح و التأكد من مدى كفأته للممارسة هذه المهمة، و في حالة وجـود القاصر تحت رعاية فعلية لشخص او مؤسسة يعتبر هذا الاخير نائبـا شرعيـا للقـاصر في شـؤونه الشخصـية إلى حين تعيين المحكمة لمقدم، و من هنا للنائب الشرعي الولاية على شخص القاصر و على امواله إلى بلوغـه سـن الرشد القانوني، وعلى فاقد العقل إلى ان يرفع الحجر عنه بحكم قضائي و تكون النيابة الشرعية على السفيه و المعتوه مقصورة على أموالهما إلى ان يرفع الحجر عنهما بحكم قضائي.
تطبيقا للمادة 235 من مدونة الاسرة يتولى النائب الشرعـي مهمـة العنايـة بشـؤون المحجـور الشخصـية مـن توجيه ديني و تكويني و إعداد للحياة، كما يقوم بكل ما يتعلـق بـأعمال الإدارة العاديـة لأمـوال المحجـور، و كذلك يجب على النائب الشرعي إبلاغ و اشعار القاضي المكلف بشؤون القـاصرين بوجـود الامـوال النقديـة و الوثائق و الحلي و المنقولات ذات القيمة و توضع هذه الاموال و القيم المنقولة بحساب القاصر لدى مؤسسة عمومية للحفاظ عليها- صندوق الايداع و التدبير- بناءا على امر قضائي، وذلك تحت طائلة المسؤولية.
و يسأل الوصي او المقدم عن كل اخلال بالالتزاماته في ادارة شؤون المحجور، و تطبـق عليـه احكـام مسـؤولية الوكيل بأجر ولو مارس مهمته بالمجان حيث ان الـوصي او المقـدم يمكنـه بموجـب المـادة 264 تقـديم طلـب الحصول على اعبائه المالية تبث المحكمة فيه ابتداءا مـن تقـديم الطلـب وايضـا يمكـن مسـاءلته جنائيـا عنـد الاقتضاء
و يفتح ملف للنيابة الشرعية لدى المحكمة في حالة تجاوز أموال 20 ألف درهم او في الحالة التـي تقـل فيهـا الأموال عن هذا النصاب لكن يرى القاضي ان مصلحة المحجور تقتضي فتح ملف للنيابة الشرعية او عند ابـلاغ القاضي من المحجور او النائب الشرعي انه اثناء إدارة الأموال تم تجاوز 20 ألـف درهـم، و يتعـين عـلى الـولي عند فتح ملف النيابة الشرعية تقـديم تقريـر سـنوي عـن كيفيـة ادارة امـوال المحجـور و تنميتهـا و العنايـة بتوجيهه و تكوينه و للمحكمة اتخاد ماتراه مناسبا بعد تسلمها التقرير مع مراعاة مصـلحة المحجـور الماديـة والمعنوية.
و يمكن ايضا للوصي و المقدم ان يقدم للقاضي المكلف بشؤون القاصرين حسابا سنويا عـن كـل المصـاريف و المداخيل مؤيدا بجميع المستندات و الحجج التي تتم على يد محاسبين يعيـنهما القـاضي، و في حالـة تـأخر او الامتناع عن تقديم الحساب السنوي للمحكمة فرض غرامة تهديديـة عليـه او حجـز تحفظـي عـلى اموالـه او وضعها تحت الحراسة القضائية طبقا للمادة 270، كما يتولى الوصي و المقدم اجراء احصاء لأموال المحجور اذا لم يكن مال المحجور تم احصاؤه و يرفقه في جميع الاحوال بما يكون لهم من ملاحظات و اقتراح مبلغ النفقـة
السنوية للمحجور و لمن تجب عليه و كيفية ادارة الاموال و المداخيل الشـهرية او السـنوية لامـوال المحجـور والاجراءات لازمة للمحافظة عليها، و يحفظ هذا الاحصاء و مرفقاته بملف النيابة الشرعية لدى كتابة الضبط، و يضمن في كناش التصرف الشهري او اليومي الذي يمسكه الوصي او المقدم اذ يسجل فيه كل التصرفات التي يبرمها باسم المحجور و تاريخها و يحدد مضمونه وشكله بقرار لوزير العدل طبقا للمادة 250.
و لكل من النيابة العامة و النائب الشرعي و مجلـس العائلـة أو أي عضـو مـن الاقـارب كـذلك، عنـد انتهـاء الاحصاء تقديم ملاحظاته إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين حول تقدير النفقة الازمة للمحجور، و اختيار السبل التي تحقق حسن تكوينه و توجيهه التربوي و ادارة امواله، و يناط لشاهدان عدلان بأمر مـن القـاضي لمكلف بشؤون القاصرين و تحت اشرافه القيام بالاحصاء النهائي و الكامل للاموال و الحقوق و الالتزامـات، و ذلك بعد اخبار النيابة العامة و بحضور الورثة و النائـب الشرعـي و المحجـور الـذي اتـم 15 عشرة سـنة مـن عمره، وليس هناك ما يمنـع مـن اسـتعانة بـالخبراء إلى جانـب العـدلين عنـد القيـام بالاحصـاء النهـائي لامـوال المحجور عليه.
وتجدر الاشارة ان مسؤوليات و صلاحيات النائب الشرعي سواء اكان وصي او مقدم، تنتهي
بموت المحجـور او موت الوصي او المقدم او فقداهما او ببلوغ المحجور سن الرشد اذ كان قاصرا او بصدور حكم برفع الحجر في الحالات الاخرى، و كذلك بانتهاء المـدة تعييـنهم او تحقـق الغـرض الـذي وجـد لأجلـه، او عـدم قدرتـه عـلى تحقيقه او قبول عذره في التخلي عن مهمته او بزوال اهليته او اعفائه او عزله تلقائيا او بطلب النيابة العامة او ممن له مصلحة وفقا الاحكام المادة 258 من مدونة الاسرة، و في حالة موت الوصي او المقـدم او فقـدانهما
للاهلية المدنية، يمكن للقاضي المكلـف بشـؤون القـاصرين اتخـاذ كـل الاجـراءات الضروريـة لحمايـة وصـيانة مصالح المحجور، و تخويل الديون و التعويضات المستحقة للفائدة المحجور على اموال تركة الـوصي و المقـدم رتبة الامتياز على باقي الديون الاخرى.
و هكذا اذا تم انهاء مهمة الوصي او المقدم فغير حالة وفاته او فقدان الاهليـة المدنيـة، فيجـب
عليـه تقـديم حسابا نهائيا مرفقا بالمستندات الازمة داخل آجال لا تتجاوز30 يومـا إلا في حالـة وجـود عـذر قـاهر، و يقـوم القاضي المكلف بشؤون القاصرين الاطلاع على الحساب و احالته على المحكمة في اقرب الآجال للبث فيه.
و عند بلوغ القاصر سن الرشد فيتم رفع الحجرعنه بقوة القانون اما اذا كان الحجر الاسـباب اخـرى كفقـدان العقل او السفه او العته فيتم رفع الحجر بحكم قضائي بناءا على طلب النيابة العامة او المحجور او كـل مـن له مصلحة بعد تأكد المحكمة بكل الوسائل الشرعية، و في هذه الحالة يتعين على القاصر الذي بلغ سن الرشد تسلم امواله او ورثته اذ توفي، اما الحالات الاخرى فيتسلم الاموال خلف الـوصي و المقـدم في هـذه المهمـة، و حالة عدم تسليم الاموال من طرف الوصي او المقدم عند رفع الحجـر عـلى المحجـور، فتطبـق علـيهما احكـام
الفصل 270 حيث يمكن اجراء حجز تحفظي على اموالهما او وضعها تحت الحراسة القضائية او فـرض غرامـة تهديدية في حقهم بعد توجيه انذار يبقى دون جدوى لمدة محددة، كما يمكـن عزلـه او عفـاؤه عنـد الإخـلال بمهامه او عجزه او وجود احد الموانع بعد ان يتم الإستماع الايضاحاته و ذلك اما تلقائيا او بطلب مـن النيابـة العامة او ممن يعنيه الأمر بحسب ما تقتضيه كل حالة على حدة .
مما سبق يتضح أن النيابة الشرعية، وفق مدونة الأسرة المغربية يمكن أن تعرف ب بأنها الحق في اتخاذ القرارات الرئيسية بشأن رعاية الأطفال وتعليمهم وصحتهم.
و بشكل عام، يُمنح هذا الحق للأب ، إلا في حالات محددة مثل وفاة الأب أو غيابه أو عجزه.
وبعد الطلاق، تُمنح الأم الحق في الحضانة الفعلية للأطفال الصغار، لكن الأب يظل مسؤولاً عن الوصاية القانونية، مما يعني أنه يحتفظ بالحق في اتخاذ القرارات المهمة المتعلقة بالطفل. ومع ذلك، يمكن للطفل الذي بلغ سن 15 عامًا اختيار الوالد الذي سيكون وصيًا عليه بموجب المادة 166 من مدونة الأسرة.
إذا تزوجت الأم مرة أخرى، فقد تواجه خطر فقدان حضانة أطفالها، وفقًا للمادة 175 من مدونة الأسرة، لا تفقد الأم الحضانة بعد إعادة الزواج إذا توفرت واحدة من الشروط الأربعة التالية: إذا كان الطفل في سن السابعة أو أقل، أو إذا كان انفصال الطفل عن الأم سيؤذيه، أو إذا كان لدى الطفل حالة طبية أو إعاقة تجعل من الصعب على أي شخص آخر غير الأم رعايته، أو إذا كان الشخص الذي تتزوجه الأم هو الوصي القانوني للطفل أو له علاقة قرابة وثيقة بالطفل، أو إذا كانت الأم هي الوصي القانوني للطفل.
هذه القوانين تعكس محاولة للموازنة بين حقوق المرأة والحفاظ على التقاليد الثقافية والدينية في المغرب، مما يوفر بعض الحماية للأمهات والأطفال ولكنه يحتفظ أيضا بمجموعة من الحقوق للرجل في إتخاذ القرار الذيس يناسب أبناءه، علما أن التوجه الحالي يريد إسقاط النيابة الشرعية للرجل بعد الطلاق و تبقى للحاضنة فقط أي الأم، و هو توجه مردود عليه كونه أولا لا يتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تعتبر من ركائز الدولة المغربية إستنادا إلى الفصل الأول من دستور 2011، و هذا المنطق سيجعل الرجل يحرم نهائيا من أبنائه و سيبقى مكلفا بالإنفاق فقط دون أي سلطة له عليهم في توجيههم و تعليمهم و العديد من الأمور، و هذا من شأنه أن يهدم الأسس الثقافية و للأسرة المغربية، و يعاضم كثرة اللجوء إلى الطلاق و العزوف عن الزواج، و بالتالي فإن الولاية نقترح أن تكون قائمة على المساواة كذلك بناء على قرار كل من الزوج و الزوجة أو الطليق و طليقته إعتمادا على الحوار و المودة و التشاركية.
ب-المساواة في الحضانة :
إن الدين الإسلامي الحنيف، حتى و عندما يتبين للبعض أنه أعطى حقوقا للرجال مثلا و لم يمنحها للنساء، فإن فلسفة الشريعة الإسلامية الربانية، تعتبر شاملة و تعتمد على مجموعة من المعايير الدقيقة التي من الصعب على الإنسان العادي تمييزها بسهولة، فعند الحديث عن الحضانة نجد أنها تمنح للمرأة،وذلك لأسباب عدة تتعلق بالفطرة والرحمة وقدرتها الطبيعية على توفير الرعاية العاطفية والجسدية للطفل، و من خلال بعض الأحكام الفقهية المتعلقة بالحضانة نجــــــد أن تعتمد في أغلبها على مبدأ مصلحة الطفل، حيث تعتبر مصلحة الطفل هي العامل الأساسي في تحديد الحاضن، و يفضل الفقهاء الأم لحضانة الأطفال في سنواتهم الأولى لقربها العاطفي وقدرتها على تلبية احتياجات الطفل الأساسية، و على الرغم من وجود اختلافات بين المذاهب الفقهية، فإن الأم تستمر عادةً في حضانة الأبناء حتى سن 7 سنوات، كما يمكن أن تفقد الأم حق الحضانة لأسباب معينة مثل إعادة الزواج أو الإهمال أو عدم القدرة على توفير بيئة آمنة للطف، ومن شروط الحاضن أن يكون قادراً على توفير الرعاية الصحية والتعليمية والدينية والعاطفية للطفل، و بالتالي من خلال كل ما سبق يتضح بجلاء أن الدين الإسلامي بشكل فضل المرأة على الرجل في حضانة الطفل و هو إمتياز لها، إذا ما ناقشناه من زاوية الحقوق و الإلتزامات، فالطليقة عندما تحتفظ بالحاضن فهي تستفيد من قربه منها، و إعتنائها المباشر به و رؤيته بشكل مستمر، علما أن الرجل كذلك يحتاج عاطفيا لبقاء إبنه بقربه و رؤيته يوميا يكبر بجانبه، لأن يوجد فرق كبير بين أن يكبر الطفل الصغير بجانبك و بين أن تراه يوم في الأسبوع لمدة ستة ساعات دون حق المبيت معك، فهذه الشروط التي يتم وضعها على الرجل من أجل رؤية أطفاله، فهي الحقيقة تساهم في تفرقة الأبناء عن أبائهم، لأنه في بعض الدول المقارنة مثلا كفرنسا فالرعاية بالأطفال و البقاء مع أبويه تكون بالتساوي يحيث الأصل أنه يظل نفس المدة التي يبقى فيها مع أمه، و يعتبر موضوع الحضانة كذلك من المواضيع الرائجة بغية تعديلها و جعلها مناصفة مع الرجل، لأنه لا يعقل أن يلزم الرجل بالإنفاق على أبنائه و في نفس الوقت ليس له الحق في رؤيتهم إلا مرة واحدة في الأسبوع و لمدة ستة ساعات و دون إمكانية المبيت مع زوجه، و في العديد من الأحيان نجد أن الأباء يتخلون عن رؤية أبنائهم بسبب صعوبة ذلك، حيث يضطر إلى إحضار مفوض قضائي معه بمقابل و مع ذلك يتم الإمتناع عن منح حق الرؤية، الحقيقة أن هذه النقطة تعرف إشكالات عديدة لم يتم إيجاد حل لها بـــعد، و لهذا فالأرج أن يتم التعامل مع مسألة الحضانة وفق التعديل المستقبلي لمدونة الأسرة وفق منطق المساواة بين الأزواج، لأنهم الأبناء أولا و أخيرا يعترون من فلذات أكباد الطليقين و لا أحــد يتسطيع مقاومة عاطفة عدم رؤية الأطفال، و ذلك وفق طرق تسهل إجراءات الحق في رؤية الأطفال.
ج- المساواة في الطـــــلاق:
يعتبر الطلاق و التطليق من النقاط جد الهامة التي عرفت و تعرف جدالا كبيرة فيما يتعلق بالتعديلات الممكنة في مدونة الأسرة المتوقعة، و في هذا الصدد نجد أن المشرع المغربي أجاز الطلاق بعد فشل كل محاولات الإصلاح، وقيد الزوج في اسـتعماله هـذا الحـق بعدم التعسف أو قصد الإضرار بالزوجة، فإذا وقع خلاف هذا كان الزوج متعسفا، وعليه تتعـدد صـور هـذا التعـسف، وتتخذ أشكالا تكون مؤشرا على ذلك التعسف.
و يتمثل الغرض من هذا التقييد هو حماية المرأة، و جعل الزوج يفكر مليا قبل الإقدام على هذه الخطوة، و الظاهر أن هذا التوجه جاء بنتائج إيجابية لصالح المرأة، حيث أن طلبات الرجال للطلاق قلت بشكل كبير، في حين نجد أن طلبات المرأة إرتفعت بشكل ملحوظ كذلك، و هذا راجع بالأساس إلى منح المرأة الحق في التطليق للشقاق، و هو ما جعل نسبة الطلاق ترتفع بشكل من جانب المرأة، علما أن المرأة بالإضافة للتطليق للشقاق الذي يعتبر أكثر أنواع التطليق إستعمالا، فهي تمنلك الحق في اللجوء لأنواع أخرى من التطليق خولتها لها مدونة الأسرة المغربية و ومن خصائص بعض أنواع التطليق أنها تتم من جانب واحد، أي أن المرأة من لها الحق في إيقاعه، كالتطليق للغيبة و التطليق لعدم الإنفاق و التطليق للإيلاء و الهجر، كما يوجد التطليق للعيب الذي يمكن إيقاعه من طرف الزوجين، بالإضافة للطلاق للخلع و الطلاق للتمليك و الطلاق الإتفاقي، و المعروف أن الطلاق الوحيد الذي كان من حق المرأة هو طلاق الخلع و طلاق التمليك، حيث أن الخلع يفرض على الزوجة أن ترجع للزوج ما أعطاها إياه من صداق أو مجوهرات أو غيرها، أما طلاق التمليك فإن الزوج هو من يملك الزوجة هذا الحق عند إبرام عقد الزواج، و بالتالي يظهر أن هذين النوعين كان من الصعب على المرأة اللجوء إليه بالنظر لشروطه الصعبة، و بالتالي و لما منحت مدونة الأسرة الأنواع السالفة الذكر الحق للمرأة في التطليق للشقاق خاصة، فالملاحظ أن اللجوء لــه حطم أرقان قياسية كبيرة، حيث أن الزوجة لما تلجأ لهذا النوع فهي تحتفظ بجميع التعويضات التي منحها لها القانون من نفقة الأبناء و العدة و الحضانة، و لا تعطي شيئا في المقابل و لــو كانت متعسفة في إستعماله، و هذا ما جعل اللجوء إلى التطليق من طرف الزوجة خاصة يرتفع، و بالتالي و من خلال ما سبق فإن اللجنة المقبلة على تعديل مدونة الأسرة وجب أن تأخذ هذه المعطيات بعين الإعتبار، و أن مقدم طلب الطلاق يجب أن يكون دائما معوضا للطرف الأخرى إن لم يثبت العكس، لأن الإقدام على الطلاق في حــد داته تعسف، خاصة حينما يكون بدون أسباب معقولة وواضحة، و هذا التوجه من شأنه أن إقرار نوع من المساواة في الطلاق و في نفس الوقت بشكل أكثر عدلا.
د-زواج القــــاصرات :
حددت المادة 19 من مدونة الأسرة سن الزواج في 18 سنة، غير أن المادة 20 منها تجيز للقاضي أن يأذن بزواج القاصرات بشروط معينة وفي حالات استثنائية تراعى فيها المصلحة الفضلى للطفل.
ويرفض الفاعلون السياسيون والمدنيون المدافعون عن الطفولة هذه المادة، ويرون فيها “انتهاكاً لحقوق القاصرات، لما تلحقه بهن من ضرر على عدة مستويات، أهمها الجانب النفسي”.
و تعتبر هذه المادة من المواد المطروحة بقوة بهدف التعديل المأمول في مدونة الأسرة لأن الأغلبية تعتبره زواج غير المشروع يؤدي إلى تفاقم العديد من الظواهر المدمرة للتماسك الاجتماعي والمجتمعي، بما في ذلك الاغتصاب الزوجي والهدر المدرسي”.
و عليه و بالنظر للإشكالات العويصة التي تطرحها هذه النقطة، فإننا نتوقع أن يشوب التعديل هذا الشق في إتجاه الإلغاء الكلي لزواج القاصرات و الذي لن يبقى بناء على أمـــر القــــاضي، و إنما سيصبح إلزاما بلوغ السن القانوني لتصبح مؤهلا للزواج، و في نظرنا فإن هذا التوجه صحيح و نرى أنـه من المناسب العمل بـــه.
ح-ثبوت النسب :
يعتبر ثبوت من أكثر الإشكالات العويصة التي تواجه المجتمع المغربي عن طريق مدونة الأسرة الحالية، و من أكثر النقاط التي تحتاج إلى تعديل، و هي من الأمور المطروحة في ساحة النقاش بشكل قوي لأجل تغييرها، حيث أن أبرز الإشكالات في هذا الصدد يمكن أن نبرزها من خلال المثال التالي فحينما ” نجد أن عدد من الأزواج ينسب لهم أطفال ليس من صلبهم عملا بالقاعدة الفقهية “الولد للفراش” و هذا معناه أن الزوج يحسب عليه النسب بمجرد أن يكون مبرما لعقد الزواج، و بالتالي ففي الكثير من الحالات يكون الولد ليس منه رغم أنه متزوج، و على هذا الأساس فالتعديل المتعلق بهذه المادة يجب أن يصب في إتجاه الإعتماد على الخبرة، لأنها هي الكفيلة بوضع حد لمثل هذه المشاكل، و ستعطي حماية أكبر للأطفال لأنه سيتم التعرف عن والديه الحقيقين بسهولة، كذلك فالمرأة التي تلد مولودا خارج إطار الزواج فإن هذا الولد يعيش معاناة ما بعدها معاناة، لكونها يسمى ولد الزنى و لا ينسب لأبيه و لو كان معروفا، بــل ينسب للأم فقط، و بالتالي فإن هذا الولد يعيش محروما من الأبوة دون أي ذنب إرتكبه، و الحقيقة أن الضحية في هذه النقطة هي المرأة و الطفل، وبالتالي فإني أرى ضرورة تعديل هذه النقط وفقة الصيغة الملائمة التي لا تضر بالأطفال و لا بالمرأة، و في نفس الوقت تحافظ على قيمنا الثقافية الإسلامية.